وقد حكى بعض المعاصرين عن الشيخ الصدوق انه لم يقل بجزئية الصلاة على النبي وآله في التشهّد ، لأ نّه لم يروِ في الفقيه في باب « التشهد وآدابه وأدعيته » (١) ما يدل على ذلك ، خلافا لغالب المذاهب الإسلامية القائلين بجزئيّتها.
لكنا لا نقبل هذا الكلام ، لأمور :
أوّلاً : لأنّ الشيخ رحمهالله لم يعتمد تلك الرواية ؛ لقوله رحمهالله : « وروي عن زرارة » وهو يؤكّد عدم اعتماده عليها.
وثانيا : لأنّ وجود جملة « سلام على الأئمّة الراشدين المهديين » هو معنى آخر للصلاة على النبيّ وآله.
وثالثا : لأنّ الشيخ روى في كتاب الصوم « باب الفطـرة » عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي بصير وزرارة ، قالا : قال أبو عبد اللّه : كما أنّ الصلاة على النبيّ من تمام الصلاة ... ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي وآله ... (٢) وهو يعني جزئيتها ، لكنه اتى بها في غير بابها.
والحاصل : فمن يقف على تاريخ الشيعة وما لاقوه من الخلفاء يعرف جواب كثير من الملابسات دون أدنى تأمل ، إذ أنّ المقتضي كان موجودا للتأذين بالشهادة الثالثة ، لكن المانع هو الآخر كان موجودا ، نعم لا دليل على امكان اعتبارها جزءا ومن أصل الأذان ، لأنّ الأذان أمرٌ توقيفيّ ، فلا تجوز الزيادة فيه أو النقصان منه.
الخامسة عشر : المشهور شهرة عظيمة عند الطائفة عدم اعتقاد جزئية الشهادة الثالثة ولا أنّها من فصول الأذان ، لكن هذا لا يعني عدم جواز الإتيان بها من باب التيمّن والتبّرك ، ومن باب رجاء المطلوبية ، والمحبوبية النفسية ، والقربة المطلقة
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٠٠ / ح ٩٤٤ ، مثلاً وانظر مقدمة المحقق كذلك.
(٢) الفقيه ٢ : ١٨٣ / ح ٢٠٨٥.