وغير ذلك ، فلماذا ينسب إلى الشيخ الصدوق رحمهالله بأ نّه يتّهم جميع القائلين بها بالتفويض والبدعة ، مع احتمال أن يكونوا قد أتوا بها من باب القربة المطلقة ولمحبوبيتها الذاتية ، وخصوصا حينما وقفَ الشيخ الصدوق نفسه على اختلاف الصيغ فيها ، وأماكن ورودها ، تارة بعد الحيعلة الثالثة ، واُخرى بعد الشهادة الثانية.
ولماذا يريد البعض أن يستفيد من كلام الشيخ الصدوق الحرمة ولا يحتمل قوله رحمهالله بالجواز حسبما وضحناه في النقاط السابقة.
إنّ اختلاف العبارات يؤكّد أنّهم كانوا لا يأتون بها على نحو الشطرية ، وبذلك فلا يتصوّر في الأمر إلاّ احتمالان : أحدهما أنّه عنى المفوّضة الذين قالوا بجزئيتها فقط لقوله «وذلك ليس من اصل الأذان» ، أو أنّه رحمهالله قالها تقيّةً للحفاظ على البقية الباقية من الشيعة ، لا بالمعنى المعروف عن التقيّة وهو موافقة العامة ، بل بالمعنى الذي قاله صاحب الحدائق في المقدّمة الأولى من كتابه ، أي أنّ التقية قد تكون من الشيعة حتى لا يجتمع رأيهم على شيء واحد ، ولكي يسخفهم ويسحقهم الحكام ، وبه سيبقى التشيّع سالما من كلّ محاولات اغتياله.
السادسة عشر : يمكن لقائلٍ أن يقول على سبيل البحث والإلمام بأطرافه : إنّ المراجع لكتاب ( حجـية الإجماع ) للشيخ أسد اللّه الدزفولي (١) وفي آخر كتاب ( الأنوار النعمانية ) للسيد نعمة اللّه الجزائري ، وكتاب ( التنبيه على غرائب الفقيه ) للصيمري ، وغيرها ، يقف على مسائل كثيرة أخطأ الصدوق رحمهالله في استنباطها ، فهو لا يختلف عن غيره من الفقهاء والمحدّثين ، قد يخطأ وقد يصيب ، وقد يعدل عما أفتى به ، فالعلماء يقبلون بروايته ولا يقبلون باجتهاده ودرايته ، خصوصا إن خالف المتواتر والسيرة القطعية وما عليه دليل من الكتاب والسنة.
__________________
(١) كشف القناع عن وجوه حجية الإجماع : ٢٠٩ مثلاً ، وهناك عشرات الموارد غير ما ذكرناه يجب البحث عنها في الكتاب المزبور.