وقد تكون حرمة الكلام (١) مختصة على أهل المسجد رعايةً لمصالح الجماعة ، لرواية ابن أبي عمير ، قال : سألتُ أبا عبداللّه عن الرجل يتكلّم في الإقامة؟ قال : نعم ، فإذا قال المؤذن « قد قامت الصلاة » ، فقد حرم الكلام على أهل المسجد ، إلاّ أن يكونوا قد اجتمعوا من شتى وليس لهم إمام ، فلا باس أن يقول بعضهم لبعض : تقدم يا فلان (٢).
وقد ورد في روايات أهل البيت بأنّ مفتاح الصلاة التكبير وتحليلها التسليم (٣) ، فلو كانت الإقامة جزءا أو شرطا لكان اللاّزم القول أنّ مفتاحها الإقامة.
وقد سُئل الصادق عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح ، قال عليهالسلام : يعيد الصلاة (٤).
وعن علي بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عن الرجل ينسى أن يفتتح الصلاة حتى يركع ، قال : يعيد الصلاة (٥) ، إلى غيرها من الروايات الكثيرة في هذا الباب.
وبعد هذا ، فلا يمكن لأحدٍ أَن يحتاط في عدّ الإقامة جزءا ؛ بمجرّد ملاحظة الفوارق الموجودة بينها وبين الأذان ، إذ أنّا نجد غالب هذه الفوارق مجتمعة في التكبيرات السبع المستحبّة قبل تكبيرة الإحرام ، وفي دعاء التوجّه إلى الصلاة ، وعند القيام إليها ، لكنّا لا نرى أحدا من الفقهاء يقول بجزئيّتها في الصلاة مع اشتراطهم فيها الطهارة ، والاستقبال ، وعدم جواز الالتفات ، وعدم الفصل بينها وبين الصلاة ، إلى غيرها من الامور السابقة.
ونحن فصّلنا بعض الشيء عن هذا ، لأ نّا رأينا البعض يريد التشكيك في
__________________
(١) ومعناها الكراهة هنا.
(٢) الاستبصار ١ : ٣٠٢ / ح ١١١٦.
(٣) اُنظر تهذيب الاحكام ٣ : ٢٧٠ / ح ٧٥٥ ، تفسير الإمام العسكري : ٥٢١ وفيه : مفتاح الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم ... وعنه في وسائل الشيعة ١ : ٣٩٨ / ح ١٠٣٩.
(٤) الكافي ٣ : ٣٤٧ / ح ١ ، وسائل الشيعة ٦ : ١٢ / ح ٧٢١٨ ، منتهى المطلب ١ : ٢٦٧.
(٥) الاستبصار ١ : ٣٥٢ / ح ١٣٢٩ ، وسائل الشيعة ٦ : ١٣ / ح ٧٢٢٢.