تحت اليد ، يختلّ النظام ولا يستقرّ حجر على حجر ، فكيف يمكن أن يقال إنّ الأصحاب لم يعملوا بمضمون هذه الرواية؟ فهذا الإشكال ساقط على كلّ تقدير.
وأما الإشكال على الرواية الثانية بأنّها لا تدلّ على أكثر من أنّ البينة ليست على ذي اليد ـ أي المنكر ـ بل يكون على المدّعي ، وهذا لا ربط له بكون اليد حجّة على الملكيّة ، وقضيّة « البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر » شبه المتواتر بين المسلمين ؛ لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان » (١). وقد قضى صلىاللهعليهوآلهوسلم على هذا النحو في موارد عديدة وهذا من المسلّمات ، ولا شكّ أنّ المتفاهم العرفي من « المنكر » ذو اليد ومن « المدعي » من هو مقابل ذي اليد ، وهو من يطرح الدعوى إلى المنكر ويوجّهها إليه. ففي هذه الرواية يحتجّ بهذا الأمر المسلّم بين المسلمين ؛ فلا ربط لها بإثبات الملكية باليد الذي هو محلّ الكلام.
فالجواب عنه : أوّلاّ : أنّ قوله عليهالسلام « فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه ادّعيت أنا فيه » (٢) يدلّ على أنّ اليد أمارة الملكيّة ، وإنّ الملكيّة في هذا الكلام ملكيّة إثباتيّة ، وإلاّ لو كان المفروض أمرين ـ أحدهما كونه تحت يدهم ، والثاني كونهم يملكونه ـ فلا يبقى بعد هذا الفرض مجال للدعوى ومطالبة البيّنة.
وثانيا : لا يفهم العرف من كون طرف ذي اليد مدّعيا وأنّه يطالب منه البيّنة إلاّ كون ذي اليد مالكا ، فيحتاج طرفه إلى الدليل على إثبات ما يدّعيه.
وأمّا الرواية الثالثة ـ أعني رواية مسعدة ـ فلا دلالة لها على هذا المطلب أصلا ، بل مضمونه حليّة مشتبه الحرمة ، حتّى يثبت خلاف ذلك بالبيّنة أو العلم.
وأمّا رواية حمزة بن حمران ، وصحيحة العيص فدلالتهما على هذا المطلب أوضح
__________________
(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤١٤ ، باب أنّ القضاء بالبينات والأيمان ، ح ١ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٢٩ ، ح ٥٥٢ ، باب كيفية الحكم والقضاء ، ح ٣ ؛ « معاني الأخبار » ص ٢٧٩ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٨ ، ص ١٦٩ ، أبواب كيفيّة الحكم وأحكام الدعوى ، باب ٢ ، ح ١.
(٢) تقدّم تخريجه ، ص ١٣٥ ، رقم (٢).