وفيه : أنّ غاية ما يستفاد من هذا البيان تعارض هذا الاستصحاب مع هذه اليد ، فبناء على أن اليد أمارة ـ كما هو نفسه جزم بذلك ـ تكون اليد حاكما على الاستصحاب ؛ لما تقدّم من حكومة الأمارات على الأصول.
وأورد شيخنا الأستاذ قدسسره على نفسه بعد ما قال بالانقلاب في الصورة المذكورة ـ وهي الصورة التي يعترف ذو اليد بأنّ ما في يده كان سابقا للمدّعي وادّعى الانتقال إليه بناقل شرعي ـ بمخالفة هذا القول ، أي انقلاب الدعوى لما احتجّ به أمير المؤمنين عليهالسلام على أبي بكر بأنّ الصديقة الطاهرة عليهاالسلام ذات يد على فدك ، فلم تسأل البيّنة عنها؟ والحال أنّها صلوات الله عليها اعترفت بأنّ فدك كان لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نحلها إيّاها فادّعت الانتقال إليها منه صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد اعترافها أنّها له صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فبمقتضى تلك القاعدة انقلبت الصدّيقة الطاهرة مدّعية فتكون البيّنة عليها ، مع أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام ينفى في هذا الخبر ـ أي خبر الاحتجاج ـ كون البيّنة عليها عليهاالسلام ، فتدلّ هذه الرواية دلالة صريحة على عدم انقلاب الدعوى (١).
ثمَّ أجاب قدسسره عن هذا الاعتراض بما لا يخلو عن قصور وإشكال ؛ لأنّ جوابه مبتن على مبان في الملكيّة وأنواع انتقالاته غير مقبولة.
فالأحسن أن يقال على تقدير تسليم دعوى الانقلاب مع ما فيها من النظر والتأمّل : إنّ هاهنا كما قلنا آنفا دعويان :
إحديهما : دعوى الانتقال ، وبالنسبة إلى هذه الدعوى هي سلام الله عليها مدّعية وعليها البيّنة.
والأخرى : دعوى الملكية وبالنسبة إلى هذه الدعوى حيث أنّها سلام الله عليها كانت ذات يد كانت البيّنة على طرفها ـ أي أبي بكر ـ لأنّه بزعمه كان وليّ المسلمين ، فكان أمير المؤمنين عليهالسلام احتجّ على أبي بكر بالنسبة إلى هذه الدعوى الأخيرة إن كانت
__________________
(١) « فوائد الأصول » ج ٤ ، ص ٦١٤.