الصلاة في الفراء اليماني وفيما صنع في أرض الإسلام » ، قلت : فإن كان فيها غير أهل الإسلام؟ قال عليهالسلام : « إذا كان الغالب عليها المسلمون فلا بأس » (١).
وتقريب الاستدلال بهذه الرواية : أنّها تدلّ بمفهوم الشرط على ثبوت البأس إذا لم تكن الغلبة للمسلمين في تلك الأرض أو ذلك البلد ، ولو كان ذو اليد مشكوك الكفر فضلا عن أن يكون معلوم الكفر.
ولكنّك خبير بأنّ الرواية في مقام بيان المراد من سوق الإسلام وأرضهم ، وأنّ المدار في كون السوق سوق الإسلام هو أن يكون إمّا جميعهم مسلمين أو غالبهم ، فإذا لم يكن كذلك فليس أمارة على التذكية والحلية ، فقهرا يكون فيه البأس بحكم أصالة الحرمة في اللحوم ما لم تكن امارة على التذكية. وذلك لجريان استصحاب عدم التذكية بدون أن يكون حاكم عليه في البين ، فلا ربط لها بأماريّة يد الكافر على الميتيّة أصلا ، ولا بأماريّة سوقهم وأرضهم ، كما أنّ الظاهر من صاحب الجواهر قدسسره استفادة ذلك (٢). من جهة أنّه عليهالسلام حكم بالبأس عند عدم غلبة المسلمين ، وعند عدم تحقّق سوقهم.
وذلك من جهة أنّ حكمه عليهالسلام بالبأس في الصورة المذكورة أعمّ من كون سوقهم أمارة على العدم ومن عدم كونه أمارة ، فكيف يستكشف منه الملزوم الخاص؟
مضافا إلى أنّ إطلاق عدم الغلبة يشمل صورة تساويهما من حيث العدد ، فيكون في هذه الصورة أيضا بأس بحكم المفهوم. ولا وجه حينئذ لعدّها من سوق الكفّار وأرضهم مع تساوي الطائفتين من حيث العدد.
واستدلّ أيضا لذلك القول برواية إسماعيل بن موسى ، عن أبيه : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجبل ، أيسأل عن ذكاته إذا كان البائع مسلما غير عارف؟ قال عليهالسلام : « عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ج ٢ ، ص ٣٦٨ ، ح ١٥٣٢ ، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس ، ح ٦٤ ؛ « وسائل الشيعة » ج ٢ ، ص ١٠٧٢ ، أبواب النجاسات ، باب ٥٠ ، ح ٥ ؛ وج ٣ ، ص ٣٣٢ ، أبواب لباس المصلّى ، باب ٥٥ ، ح ٣.
(٢) « جواهر الكلام » ج ٦ ، ص ٣٤٧ ، وج ٨ ، ص ٥٤.