الإقرار ، فلا بدّ من ترتيب آثار الإقرار الأوّل بحكم قاعدة الإقرار ، ويعطي العين للمقرّ له الأوّل ، والغرامة بالمثل أو القيمة للثاني ؛ لما ذكرنا في الصورة الأولى عينا.
ووجه الأولويّة ها هنا : أنّه هناك كان يمكن أن يقال : إنّه بعد إخراج المال عن تحت يده بإقراره للمقرّ له الأوّل في كلام منفصل عن هذا الإقرار الثاني ، يكون الإقرار الثاني من قبيل إقرار الأجنبي ولغوا ، أمّا ها هنا فلا يمكن أن يقال مثل هذه المقالة ؛ لأنّ المفروض أنّ المال بعد في يده ، والكلام متّصل وله أن يلحق بكلامه ما شاء من إضراب أو غير ذلك.
وأمّا ما في الدروس (١) من العلم بانحصار الحقّ فيهما ـ أي المقرّ له الأوّل والثاني ، وحيث أنّ ذا اليد أقرّ لكلّ واحد منهما فأسقط يده عن الاعتبار ـ فيدخل في مسألة التداعي والتحالف.
فقد أورد عليه صاحب الجواهر قدسسره بأنّ احتمال السهو وغيره لا ينافي التعبّد بظاهر قوله ؛ لقوله عليهالسلام : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » (٢) فيكون كلا الإقرارين نافذين ، غاية الأمر يعطي العين لأحدهما أي الأوّل لما ذكرنا ، والمثل أو القيمة للثاني (٣).
هذا ، ولكن أنت خبير بأنّه لو لم يكن إجماع في البين يمكن أن يقال : إن حال هذين الإقرارين حال سائر الأمارتين المتعارضتين ، فيتساقطان للعلم بكذب أحدهما ، اللهمّ إلاّ أن يقال في خصوص الإقرار بالسببيّة والموضوعية ، وهو بعيد غاية البعد. فالنتيجة كما قال في الدروس هو العلم بانحصار الحقّ فيهما بعد تساقط الإقرارين ، للعلم بكذب أحدهما وسقوط اليد عن الاعتبار ، فيكون من باب التداعي والنتيجة التحالف والتنصيف ، إلاّ أن نقول بالموضوعيّة في باب الإقرار ما لم يكن العلم التفصيلي
__________________
(١) « الدروس » ج ٣ ، ص ١٣٢ ، كتاب الإقرار ، درس (٢٢٣).
(٢) « وسائل الشيعة » ج ١٦ ، ص ١١١ ، أبواب كتاب الإقرار ، باب ٣ ، ح ٢ ؛ « عوالي اللئالي » ج ١ ، ص ٢٢٣ ، ح ١٠٤ ؛ وج ٢ ، ص ٢٥٧ ، ح ٥ ؛ وج ٣ ، ص ٤٤٢ ، ح ٥.
(٣) « جواهر الكلام » ج ٣٥ ، ص ١٣١.