الحكم مغيى في لسان دليله بإتيان متعلّقه وأمثاله ، وهذا ركيك إلى الغاية.
أنظر هل ترضى من نفسك بأن تقول : يجب عليك إكرامي حتّى تكرمني؟ فكيف ترضى أن تقول : بأنّ معنى الحديث الشريف أنّه يجب على اليد ردّ ما أخذته وأدائه حتّى تؤدّى؟!
هذا كلّه ، مضافا إلى أنّ ظاهر الحديث أنّ نفس ما أخذت على عهدة اليد ، أي المال المأخوذ الذي صار تحت اليد والاستيلاء على عهدة اليد والذي أخذه ، وهذا هو عين الضمان.
وفي معنى الضمان أقوال ، ولكن التحقيق هو أن يقال : إنّ الضمان عبارة : عن كون ما له الماليّة في عهدة الضامن وذمّته ، وحيث أنّ وجود الشيء في العهدة يكون وجودا اعتباريا ؛ لأنّ معنى كونه في العهدة اعتبار العقلاء ذلك فيها ، فكما أنّ الموجود الخارجي لا يمكن أن ينتقل إلى الذهن وإلاّ يلزم الانقلاب المحال ، كذلك لا يمكن أن ينتقل إلى عالم الاعتبار لعين ذلك المحذور ، بل بطريق أولى.
فالظاهر من معنى الحديث أنّ المال الذي وقع تحت اليد العادية على احتمال ، أو يد غير المأذونة على احتمال آخر ، مع أنّه موجود خارجي يعتبر في عهدة الآخذ ومستقرّ وثابت في ذمّته بوجوده الاعتباري ، إلى أن يؤدّي. وغاية الأمر أنّ أداءه ما دام العين موجودة يكون بأداء نفسها ، وبعد التلف إن كان لها مثل فأداؤها بأداء مثلها ، وإن لم يكن لها مثل أو كان ولكنّه متعذّر الأداء ، أو كان لقلّته وغلاء قيمته عند العرف والعقلاء بمنزلة المعدوم ، فأداءه بأداء قيمته.
وممّا ذكرنا يظهر المناط والضابط في المثليّة والقيميّة.
وبعد ما عرفت أنّ ما يقع تحت اليد من الأموال بوجوده الخارجي يعتبر على العهدة بوجوده الاعتباري ؛ لأنّ هذا المعنى هو الظاهر من الحديث الشريف ، فنقول : إنّ ما هو تحت اليد يعتبر فوق اليد بما له من الشؤون والأوصاف والعوارض والألوان ،