فيدخل في باب تعارض الضررين بل تزاحم الحقّين.
فالصواب في الجواب أن يقال ؛ إنّ تقديم حقّ الأنصاري لحفظ عرضه من جهة أهميّته في نظر الشارع ، كما هو الشأن في باب التزاحم من تقديم الأهمّ على المهمّ ، وهو أحد المرجّحات الخمسة في باب التزاحم بل أهمّها.
ومنها : تطبيقه صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه الجملة على عدم جواز منع فضل الماء لمنع الكلاء لأهل البادية.
وأشكل على ذلك أيضا بأنّ هذا التطبيق خلاف الامتنان بالنسبة إلى مالك الماء ، بل يكون ضررا عليه لسلب سلطنته ومنعه عن حقّه ، وهكذا الأمر في تطبيقه صلىاللهعليهوآلهوسلم على الشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكين ، فيشكل على هذا التطبيق بعين الإشكال المتقدّم.
وكذلك في مسألة جدار حائط الجار إذا سقط من عند نفسه فلا يجب عليه أن يبنيه ، وأمّا إذا هدمه هو أي الجار صاحب الجدار فلا يترك ويجب عليه أن يبنيه ، فذلك الإشكال ـ أي منع المالك عن التصرّف في ماله ـ موجود.
والجواب عن الجميع أمّا في مسألة عدم جواز منع الماء فلعلّه من جهة أنّ عدم جواز منعهم ليس من جهة حرمة المنع ، بل نهي تنزيهي ومثل هذا النهي ليس منافيا لحقّ المالك أو الحقّ الأولويّة التي للمانع.
ولكن هذا التوجيه بعيد ؛ لعدم ملائمته مع كونه من قضائه صلىاللهعليهوآلهوسلم بين أهل المدينة في مشارب النخل أنّه لا يمنع نقع الشيء ، وبين أهل البادية أنّه لا يمنع فضل الماء ليمنع فضل الكلاء.
فالأولى أن يقال : قدم رفع ضرر أهل البادية ومشارب النخل لأهل المدينة لأهميّته ، فإنّ عدم تلف حيوانات أهل البادية وعدم تلف نخيل أهل المدينة كان أهمّ من حفظ حقّ الأولويّة الذي كان لصاحب الماء ومالكه أو من كان أولى به ، وهذا