وكلماتهم وأقوالهم هو أنّه كلّ دم يمكن أن يكون حيضا أي يحتمل أن يكون بحسب الواقع حيضا ـ وهذا بناء على أنّ للحيض واقعا محفوظا ، لا أنّ الشارع اعتبر في الدم الذي يخرج من الرحم قيودا وجوديّة وعدميّة وسمّاه حيضا ـ فإذا لم يدلّ دليل على أنّه ليس بحيض لا عقلا ولا شرعا فهو في عالم الإثبات حيض ، ويجب ترتيب آثار الحيض على ذلك الدم ما لم ينكشف الخلاف.
فتكون هذه قاعدة ظاهريّة مجعولة للشاكّ ، سواء كانت الشبهة حكميّة أو موضوعيّة ، فلا تجري في الدم المشكوك فيه في حال الصغر أو اليأس أو الحمل بناء على كونه مانعا ، وغير ذلك مما اعتبره الشارع وجاء الدليل على اعتباره وجودا أو عدما ؛ لأنّ الدليل الدالّ على اعتبار هذه القيود الوجوديّة أو العدميّة رافع للشكّ الذي أخذ موضوعا في القاعدة ، فيكون حاكما على القاعدة شأن كلّ أمارة بالنسبة إلى الأصل.
فمرادنا بالإمكان الوقوعي ليس أنّه لا يلزم محذور في حاقّ الواقع من وقوعه حتّى يكون الحكم به حكما واقعيّا ، بل المراد كما شرحناه عدم دليل على نفيه في مقام الإثبات ، فحكم الشارع بوقوعه إثباتا لا ثبوتا ، ولزوم ترتيب آثار الحيض على ذلك الدم في عالم الإثبات ما لم ينكشف الخلاف ؛ ولذلك قلنا أنّها قاعدة ظاهريّة في مورد الشكّ ، لا قاعدة متكفلة لبيان الحكم الواقعي ، بل حالها حال سائر الأصول العمليّة غير التنزيليّة.
ثمَّ إنّه يظهر من كلام الشيخ الأنصاري قدسسره (١) أنّ المراد من الإمكان في هذه القاعدة هو الإمكان بالقياس إلى جميع ما اعتبره الشارع من القيود الوجودية والعدمية ، أو يحتمل دخله فيه وجودا أو عدما فيه أي في الحيض عنده أي عند الشارع ما لم يكن دليل على نفيه. فبناء على هذا لو حصل الشكّ في مدخلية شيء وجودا أو عدما في
__________________
(١) « كتاب الطهارة » ص ١٨٤.