طلق زوجته ؛ أو باع داره ، أو اشترى دارا ، أو أي فعل صدر عن شخص يحملونه على الصحّة الواقعيّة ، ويرتّبون على ذلك الفعل آثار الصحّة ، سواء أكان ذلك الفعل من العبادات أو المعاملات ، ومن العقود أو الإيقاعات.
والحاصل : أنّه كما أنّ في قاعدة الفراغ إذا شكّ في صحّة العمل الذي أتى به مفاد تلك القاعدة حمل الفعل الصادر عن نفسه على الصحّة الواقعيّة ؛ لبناء العقلاء على ذلك. كذلك الأمر في الفعل الصادر عن الغير ، بل يمكن أن يقال : أن الصحّة عند الجميع هي الصحّة الواقعيّة ، غاية الأمر أنّ الفاعل أو الحامل قد يخطئان فيعتقدون ما ليس بصحيح واقعا صحيحا واقعيا ، فبناء العقلاء على ما هو الصحيح واقعا. وكذلك الإجماع انعقد على ذلك ، بل اختلال النظام لا يرتفع إلاّ بالحمل على الصحيح الواقعي.
وما يقال : من أنّ مدرك هذه القاعدة لو كان ظهور حال المسلم في أنّه لا يأتي بالعمل إلاّ صحيحا ، فلا بدّ وأن يكون المراد هي الصحّة عند الفاعل ؛ لأنّه لا يأتي إلاّ بما يراه صحيحا ، لا ما هو صحيح عند سائر الناس.
ففيه أولا : هذا فيما إذا كان الفاعل عالما بالصحيح والفاسد ، والقاعدة أعمّ.
وثانيا : عرفت أنّ المدرك هي سيرة العقلاء ولا اختصاص لها بالمسلم ، وأنّ عدم اعتبارها يوجب اختلال النظام وتعطيل الأسواق ، فالعمدة في مدرك هذه القاعدة هذان الأمران ، أي السيرة ، ولزوم اختلال النظام من عدم اعتبارها. فلا شكّ في أنّ مفاد هذين الدليلين هي الصحّة الواقعيّة ، وعليها مدار جريان المعاملات في الأسواق وفي باب العقود والإيقاعات.
نعم فيما إذا علم الحامل أنّ الصحيح عند الفاعل مخالف مع ما هو الصحيح واقعا ، بمعنى أنّ الفاعل مخطئ في تطبيق الصحّة الواقعيّة على ما يأتي به ، ففي هذه الصورة حمل فعله على الصحّة الواقعيّة مشكل ؛ لأنّ كون ما أتى به صحيحا واقعيّا متوقّف على أحد أمرين : إمّا كونه متعمّدا بأن يأتي بما هو خلاف معتقده أنّه صحيح ، أو كونه