لا يعترف بشيء من المذكورات أو ببعضها ، وفرضنا لاعتقاده الصحيح أثر شرعي يجب ترتيبه عليه ، فإن أظهر ذلك الاعتقاد باللسان أو بدالّ آخر يكون ذلك الظاهر حجّة له ، أو عليه ، ولا ربط له بأصالة الصحّة.
وأمّا إن لم يظهر أو كان غائبا أو ميّتا ولكن لاعتقاده الصحيح أثر شرعا ولو بعد مماته ، وحصل هذا الشكّ فهل يحمل على الصحّة أم لا؟
والظاهر أنّه يحمل على الصحّة إذا علم أو ثبت بحجّة شرعيّة أنّه منتحل للإسلام وسيرة المسلمين قائمة على صحّة اعتقاد من يدّعي ويظهر الإسلام حتّى يعلم خلافه.
وأمّا إن كان المراد من الاعتقاد ، الاعتقاد في الفروع وأحكام الفقهيّة ، بمعنى رأي الفقيه واعتقاده مثلا بوجوب شيء أو حرمته حيث أنّ لاعتقاده ورأيه إذا كان عن منشأ صحيح أثر بالنسبة إلى مقلّديه ، فإذا شكّ في أنّ هذا الرأي هل هو عن استنباط صحيح أم لا ، بل لم يؤدّ وظيفة الاستنباط كاملا بل تساهل وتسامح ، فالظاهر هو الحمل على الصحّة ، وعليه بناء عامّة المقلّدين في الأعصار والأمصار. ولكن هذا في الحقيقة إجراء أصالة الصحّة في الاستنباط ، لا في الاعتقاد.
نعم لا يمكن إثبات أنّ هذا الرأي والاعتقاد مطابق للواقع بأصالة الصحّة بالمعنى المذكور ؛ لأنّ الاستنباط ولو كان عن مدرك صحيح موافق للقواعد المقرّرة الفقهيّة والأصولية وكان في كمال الدقّة ، ومع ذلك كلّه قد يخطئ وقد يصيب ، فكون الاستنباط عن مدرك صحيح لا يلزم دوام الإصابة ، فلا يمكن الحكم بالإصابة ومطابقة هذا الرأي للواقع بإجراء أصالة الصحّة في الاستنباط. هذا تمام الكلام في أصالة الصحّة.
والحمد لله أوّلاً وآخراً.