ولكن عرفت عدم صحّة ذلك الدليل.
وأمّا بناء على أن يكون دليلها هو بناء العرف ـ الذي هو الدليل الثاني ممّا ذكرنا ـ فلا يدلّ على فرض تحقّقه وحجيّة ذلك البناء على أكثر من كون الدم المشكوك من جهة الشبهة الموضوعيّة والأمور الخارجيّة حيضا ، فلا يشمل الشكّ في كونه من جهة الشبهة الحكميّة ؛ لأنّه مع احتمال اعتبار الشارع قيد وجودي أو عدمي لا يبقى مجال لدلالة بناء العرف والعقلاء على حيضية الدم المشكوك.
وبعبارة أخرى : بناء العرف والعقلاء يحتاج حجيته إلى إمضاء الشارع ، ومع احتمال اعتبار الشارع وجود قيد مفقود في الدم المشكوك ، أو عدم قيد موجود فيه لا إمضاء في البين.
وقد عرفت الإشكالات الواردة على هذا الوجه.
وأمّا بناء على الوجه الثالث أي السيرة المتشرّعة فعلى فرض تحقّقها عندهم بما هم متشرّعة واتّصالها بزمان المعصوم ولم يكن استنادهم إلى الروايات ، وإلاّ فيكون المدرك هي الروايات. وسنتكلّم فيها ولم يكن حكمهم بالحيضيّة من باب الأدلّة الشرعيّة والصفات والعلامات والعادة ، ولم يكن ردع عن قبل الشارع ، فلا بدّ وأن يلاحظ معقد السيرة هل هو خصوص الشبهة الموضوعيّة أو الأعمّ منها ومن الحكمية؟
وأما بناء على الوجه الرابع مع وضوح بطلانه في نفسه لا يفيد إلاّ فيما لا يكون مثبتا للحيضيّة ، وإن كان ذلك الدليل أصلا غير تنزيلي.
وأما بناء على الوجه الخامس ـ أي الأخبار التي استدلّوا بها على هذه القاعدة ، فلو قلنا بدلالتها على اعتبار هذه القاعدة وأغمضنا النظر عن الإشكالات التي أوردناها على دلالة تلك الأخبار على اعتبارها ـ فالإنصاف أن في دلالتها على اعتبار هذه القاعدة حتّى في الشبهات الحكميّة نظر بل إشكال.