فقالوا : يا أبا الحسن ، لو نذرت على ولدك ، فنذر عليّ وفاطمة وفضّة ـ جارية لهما ـ أن برءا ممّا بهما : أن يصوموا ثلاثة أيّام ، فشفيا وما معهم شيء ، فاستقرض عليّ من شمعون الخيبري اليهودي ثلاث أصوع من شعير ، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم ، فوضعوا بين أيديهم ليفطروا ، فوقف عليهم سائل ، فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ، مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة ، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلاّ الماء ، وأصبحوا صياماً ؛ فلمّا أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه ، ووقف عليهم أسير في الثالثة ، ففعلوا مثل ذلك ؛ فلمّا أصبحوا أخذ علي عليهالسلام بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلمّا أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع ، قال : ما أشدّ ما يسوءني ما أرى بكم ، وقام فانطلق معهم ، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها ، فساءه ذلك ، فنزل جبرائيل وقال : خذها يا محمد هنّأك الله في أهل بيتك فأقرأه السورة » (١).
٦ ـ آية المباهلة : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (٢) : والثابت في نزول هذه الآية ، هو أنّ نصارى نجران ، لمّا دعاهم رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى المباهلة قالوا : حتى نرجع وننظر ، فلمّا تخالوا قالوا : للعاقب وكان ذا رأيهم : « يا عبدالمسيح ما ترى ؟ فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أنّ محمدا نبيّ مرسل ، وقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم ، والله ما باهل قوم نبيّاً قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم لتهلكنّ فإن أبيتم إلاّ إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه ، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى
__________________
(١) الكشّاف / الزمخشري ٦ : ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ، التفسير الكبير / الفخر الرازي ٣٠ : ٢٤٤ ، روح البيان / البرسوي ١٠ : ٢٦٩.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ٦١.