غدك » (١). وبالفعل تحقّقت نبوءة الإمام الحسن عليهالسلام وقُتل عبيدالله بن عمر في صفين. وذهب مع من ذهب إلى الجحيم.
ومن خطب الإمام الحسن عليهالسلام في صفين ، قوله : « الحمد لله لا إله غيره ، وحده لا شريك له ، وأثني عليه بما هو أهله ، إنّ مما عظم الله عليكم من حقّه ، وأسبغ عليكم من نعمه ما لا يحصى ذكره ، ولا يؤدّىٰ شكره ، ولا يبلغه صفة ولا قول ، ونحن إنّما غضبنا لله ولكم ، فإنّه منَّ علينا بما هو أهله أن نشكر فيه آلاءه وبلاءه ونعماءه قولاً يصعد إلى الله فيه الرضا ، وتنتشر فيه عارفة الصدق ، يصدق الله فيه قولنا ، ونستوجب فيه المزيد من ربّنا ، قولاً يزيد ولا يبيد ، فإنّه لم يجتمع قوم على امر واحد إلاّ اشتدّ أمرهم واستحكمت عقدتهم ، فاحتشدوا في قتال عدوّكم : معاوية وجنوده ، فإنّه قد حضر ، ولا تخاذلوا ؛ فإنّ الخذلان يقطع نياط القلوب ، وإنّ الإقدام على الأسنّة نجدة وعصمة ؛ لأنّه لم يمتنع قوم قط إلاّ رفع الله عنهم العلّة ، وكفاهم جوائح الذلّة ، وهداهم إلى معالم الملّة » (٢). ثمّ عبّأ الإمام علي عليهالسلام جيشه فجعل على ميمنته الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر ومسلم بن عقيل (٣). وفي رواية أنّه عليهالسلام جعل على القلب الحسن عليهالسلام (٤). وأقبل رجل من أهل الشام يقال له : الزبرقان بن الحكم ، وكان سيّد أهل الشام فطلب البراز ، فخرج إليه الحسن بن علي بن أبي طالب ، فقال له الزبرقان : من أنت ؟ قال الحسن بن علي ، فقال له : انصرف يا بنيّ فوالله لقد نظرت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله مقبلاً من ناحية « قبا » يسير على ناقة له وأنّك يومئذ لقدّامه ، فما كنت لألقى رسول الله صلىاللهعليهوآله بدمك. فانصرف الزبرقان وهو يقول : إنّي أخاف الله في ابن فاطمة ، وإنّ ذا الكلاع حدّثني أنّه سمع
__________________
(١) وقعة صفين / نصر بن مزاحم : ٢٩٧.
(٢) وقعة صفين : ١١٣ ـ ١١٤.
(٣) مناقب آل أبي طالب ٣ : ١٩٧.
(٤) الإمامة والسياسة ١ : ١٠٤.