وما ترك على أهل الأرض صفراء ولا بيضاء إلاّ سبع مائة درهم فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع بها خادمة لأهله. ثم قال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي وأنا ابن النبي وأنا ابن الوصي وأنا ابن البشير وأنا ابن النذير وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه وأنا ابن السراج المنير وأنا من أهل البيت الذي كان جبرائيل ينزل إلينا ويصعد من عندنا ، وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، وأنا من أهل البيت الذي افترض الله مودتهم على كل مسلم ، فقال تبارك وتعالى لنبيّه : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ) (١) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت » (٢). ولمّا تمّ خطاب الإمام عليهالسلام تقدّم عبدالله بن عباس ، وحث المسلمين على مبايعته ، وقال : « معاشر الناس ، هذا ابن نبيّكم ، ووصيّ إمامكم فبايعوه ».
واستجاب الناس إلى بيعته ، وقالوا : « ما أحبّه إلينا وأحقّه بالخلافة » (٣).
وفي رواية أخرى : جاء الناس إلى الحسن عليهالسلام ، فقالوا : « أنت خليفة أبيك ووصيّه ، ونحن السامعون المطيعون لك فمرنا بأمرك » (٤). وتمت البيعة له في يوم الجمعة المصادف الحادي والعشرين من شهر رمضان في سنة ٤٠ للهجرة. وكان عدد المبايعين له أكثر من أربعين ألفاً ، كانوا قد بايعوا أباه عليهالسلام على الموت (٥). وبقي نحو سبعة أشهر خليفة بالعراق وماوراءه من خراسان والحجاز واليمن (٦).
وعن ميمون بن مهران قال : « إنّ الحسن بن علي بن أبي طالب بايع أهل العراق بعد علي على بيعتين : بايعهم على الإمرة ، وبايعهم على أن يدخلوا فيما
__________________
(١) سورة الشورى : ٤٢ / ٢٣.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ : ٨٩ / ٤٨٠٢.
(٣) مقاتل الطالبيين / أبو الفرج الأصفهاني : ٦٢.
(٤) اثبات الهداة ٢ : ٥٥٠ / ٢٧ ، الباب ١٢ ، الفصل ١٠.
(٥) شرح نهج البلاغة ١٦ : ٣٠.
(٦) أسد الغابة ١ : ٤٩١.