الرحمن الرحيم ، من عبداللّه الحسن أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان ... إنّ الله تعالى بعث محمداً صلىاللهعليهوآله رحمة للعالمين ... فلمّا توفي تنازعت سلطانه العرب ، فقالت قريش : نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه ، ولا يحلّ لكم أن تنازعونا سلطان محمد في الناس وحقّه ... ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجّت به العرب ، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها ... واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا ... فاليوم فليعجب المتعجّب من توثبك يا معاوية على أمر لست من أهله لابفضل في الدين معروف ، ولا أثر في الإسلام محمود ، وأنت ابن حزب من الأحزاب ، وابن أعدى قريش لرسول الله صلىاللهعليهوآله ... إنّ عليّا رضوان الله عليه لما مضى لسبيله رحمة الله عليه ولاّني المسلمون الأمر بعده ... فدع التمادي في الباطل وأدخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي ، فانك تعلم أنّي أحقّ بهذا الأمر منك عند الله ، وعند كل أوّاب حفيظ ، ومن له قلب منيب. واتق الله ودع البغي ، واحقن دماء المسلمين ، فادخل في السلم والطاعة ، ولا تنازع الأمر أهله ، ومن هو أحق به منك ؛ ليطفئ الله النائرة بذلك ، وتجمع الكلمة وتصلح ذات البين. وإن أبيت إلاّ التمادي في غيك نهدت إليك بالمسلمين ، فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين » (١).
واجبار معاوية على الطاعة عن طريق القوة أمر مشروع ؛ للحفاظ على وحدة الدولة ووحدة الكيان الإسلامي ووحدة المسلمين ، وهذا يظهر من كتاب الإمام علي عليهالسلام إلى معاوية حيث الزمه بما الزم نفسه : « ... إنّما الشورى للمهاجرين والأنصار ، فإن اجتمعوا على رجلٍ وسمّوه إماماً كان ذلك لله رضىً ، فإن خرج على أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردّوه إلى ما خرج منه ، فإن أبى قاتلوه على إتباعه غير سبيل المؤمنين ، وولاّه الله ما تولّى » (٢). فالإمام الحسن عليهالسلام هدّد معاوية
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٦٤ و ٦٦.
(٢) نهج البلاغة : ٣٦٧ / ٦.