وحلق شعره ، واستمرّ على ملازمته ورعايته وتعليمه وتربيته ، وكان يوجّه أنظار المسلمين إلى فضائله ومقاماته. وهكذا كان السبط الأكبر ترعرع في الأجواء النبوية يستمع الوحي والحديث النبوي ويتابع حركات جدّه وسكناته ؛ فكان منهجه في حياته منهجاً إيمانياً خالصاً.
وقف عليهالسلام مسانداً للحق منذ صباه ، وعاش الأجواء السياسية التي غُمطت فيها حقوق أهل البيت عليهمالسلام وضح النهار ، ابتداءً من اقصاء أبيه أميرالمؤمنين علي عليهالسلام عن حقه في خلافة الرسول صلىاللهعليهوآله ، وانتهاءً بموقف الطلقاء منه في خلافته عليهالسلام. ومع كل ذلك كان حريصاً على رفعة الإسلام وسموِّه متعالياً على جراحاته ، جاعلاً مصلحة الإسلام هي العليا في سياسته والحاكمة على جميع خطواته ، حتى قاده ذلك إلى أن يكون الشجى المعترض في حلق معاوية حتى بعد تنازله عن السلطة ؛ لكي لا تفهم الأمة أنه عليهالسلام وجد الباغي للخلافة أهلاً فسلّمها إليه ، وهكذا كان السبط ميزان عدلٍ للحكم على أفكار وممارسات السلطة الباغية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ؛ لأنه مرجع الأمة وإمامها الحق في زمانه.
ولهذا خطّطت السلطة لتغييبه بدسّ السمّ إليه ، فاستشهد مسموماً مظلوماً بعد أن أدّى مسؤوليّاته في بناء قاعدة شعبية تواصل مسيرة التكامل والسموّ بقيادة وإمامة ثالث أئمّة أهل البيت عليهمالسلام.
وسوف نقف في هذا الكتاب ـ إن شاء الله تعالى ـ على معالم شخصية الإمام الحسن السبط عليهالسلام مع استجلاء صفحات سيرته العطرة وتاريخه المشرق بالتضحية والعطاء.