قام خطيباً وحمدالله وأثنى عليه وذكر جدّه المصطفى صلىاللهعليهوآله بالرسالة والنبوة ثم قال : « إنّا أهل بيت أكرمنا الله بالإسلام واختارنا واصطفانا وأذهب عنّا الرجس وطهّرنا تطهيراً ، لم تفترق الناس فرقتين إلاّ جعلنا الله في خيرهما من آدم إلى جدّي محمد صلىاللهعليهوآله ، فلمّا بعث الله محمداً للنبوة واختاره للرسالة وأنزل عليه كتابه ثم أمره بالدعاء إلى الله عزّوجلّ فكان أبي أوّل من استجاب لله ولرسوله ، وأوّل من آمن وصدّق الله ورسوله صلىاللهعليهوآله وقد قال في كتابه المنزل على نبيّة المرسل : ( أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ) (١) فجدّي الذي على بيّنة من ربّه وأبي الذي يتلوه وهو شاهد منه. وقد سمعت هذه الاُمّة جدي صلىاللهعليهوآله يقول : ما ولّت أمة أمرها رجلاً وفيهم من هو أعلم منه إلاّ لم يزل يذهب أمرهم سفالاً حتى يرجعوا إلى ما تركوه. وسمعوه يقول لأبي : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي. وقد رأوه وسمعوه حين أخذ بيد أبي بغدير خم وقال لهم : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهم وال من والاه وعاد من عاده ، ثمّ أمرهم أن يبلّغ الشاهد الغايب » (٢).
وخطب عليهالسلام قبل دخول معاوية الكوفة فقال : « أيّها الناس ، إنّما نحن أمراؤكم وضيفانكم ، ونحن أهل بيت نبيّكم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً » ، وكرّر ذلك حتى أبكى الجميع (٣). وفي هذين الخطابين تركيز على جملة من المفاهيم والتصورات العقائدية ومن جملتها : فضائل ومقامات الإمام علي عليهالسلام ، والنص على إمامته وخلافته ، وإمامة أهل البيت عليهمالسلام ، وعصمتهم ، ومصير الأمة عند تولّي غير الأعلم عليها.
وبعد أن تمّ الصلح عقد اجتماع موسع حضره الإمام عليهالسلام ومعاوية وأتباعهما ، وتبادل الإمام ومعاوية الخطب التي تعبر عن منهج كلّ منهما.
__________________
(١) سورة هود : ١١ / ١٧.
(٢) الغدير / الأميني ١ : ١٩٧ ـ ١٩٨.
(٣) أسد الغابة ١ : ٤٩٢.