ولقد ذمّ إبليس وكبّل وألقي في الحفر أربعين يوما ؛ ولقد تنكّست الأصنام كلّها وصاحوا وسمعوا صوتا من الكعبة يقول : يا قريش جاءكم البشير ، جاءكم النذير ، معه عمر الأبد ، والرمح الأكبر ، وهو خاتم الأنبياء ؛ ونجد في الكتب أنّ عترته خير البشر ، لا تزال الناس في أمان من العذاب ما دامت عترته في الدنيا ، فقال معاوية : يا أبا إسحاق ، ومن عترته؟ فقال : ولد فاطمة ، فعبس معاوية وجهه ، وعضّ على شفتيه ، وقام من مجلسه » (١).
ومن ذلك من خواصّ مولده صلىاللهعليهوآلهوسلم ما نزل في الإنجيل : « يا عيسى جدّ في أمري ولا تهزل ، واسمع وأطع يا بن الطهر البتول ، خلقتك من غير فحل آية للعالمين ، فاعبد وعليّ فتوكّل ، خذ الكتاب بقوّة وفسّر لأهل سوريا بالسريانيّة تلمح من بين يديك إنّي أنا الله الدائم ، صدّقوا النبيّ الأمّي صاحب الجمل والدرع والتاج ـ وهي العمامة ـ والبغل والهراوة ـ وهي القضيب ـ الأكحل العين ، الصلت الجبين ، الواضح الخدّين ، الأقنى الأنف ، المفلّج الثنايا ، كأنّ عنقه إبريق فضّة ، كأنّ الدهن يجري في تراقيه ، أسمر اللون ، إذا مشى كأنّما ينقلع من صخر وينحدر من صبب ، عرقه في وجهه كاللؤلؤ أو ريح المسك ، لم يره قبله ولا بعده مثله ، نكّاح النساء ، قليل النسل ، وإنّما نسله من مباركة لها بيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ، يكفّلها في آخر الزمان كما كفّل زكريّا أمّك ، لها فرخان يستشهدان ، كلامه القرآن ، ودينه الإسلام ، وأنا السلام ، طوبى لمن أدرك زمانه وسمع كلامه » (٢).
ومن ذلك ما رواه ابن عبّاس عنه من نطقه بالغيب وإخباره بالملاحم ، قال : « حججنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حجّة الوداع ، فجاء حتّى أخذ بحلقة باب الكعبة ، ثمّ أقبل علينا بوجهه وهو كالشمس في الضحى ، ثمّ قال : « ألا أخبركم بأشراط
__________________
(١) « مشارق أنوار اليقين » : ٧١ ـ ٧٢.
(٢) المصدر السابق : ٧٢.