هذا الحمار الذي كان راكبه.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّه ليس للعباد الاقتراح على الله ، بل عليهم التسليم لله والانقياد لأمره والاكتفاء بما جعله كافيا ، أما كفاكم إن أنطق التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم بنبوّتي ودلّ على صدقي وتبيّن لكم فيها ذكر أخي ووصيّي وخليفتي وخير من أتركه على الخلائق بعدي عليّ بن أبي طالب ، فأنزل عليّ هذا القرآن الباهر للخلق أجمعين ، المعجز لهم أن يأتوا بمثله ، وأن يتكلّفوا شبهه ، فأمّا هذا الذي اقترحتموه [ فلست أقترحه على ربّي عزّ وجلّ ، بل أقول : إنّ ما أعطانيه ربّي من دلالة هو حسبي وحسبكم ، فإن فعل عزّ وجلّ ما اقترحتموه ] (١) فذاك زائد في تطوّله علينا وعليكم ، وإن منعنا ذلك فلعلمه بأنّ الذي فعله كاف فيما أراده منّا.
فلمّا فرغ رسول الله من كلامه هذا أنطق الله البساط ، فقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، إلها واحدا أحدا صمدا قيّوما أبدا ، لم يتّخذ صاحبة ولا ولدا ، ولم يشرك في حكمه أحدا ، وأشهد أنّك يا محمّد ، عبده ورسوله ، أرسلك بالهدى ودين الحقّ ليظهرك على الدين كلّه ولو كره المشركون ، وأشهد أنّ عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف أخوك ووصيّك وخليفتك في أمّتك ، وخير من تركته على الخلائق بعدك ، وأنّ من والاه فقد والاك ، ومن عاداه فقد عاداك ، ومن أطاعه فقد أطاعك ، ومن عصاه فقد عصاك ، وأنّ من أطاعك فقد أطاع الله واستحقّ السعادة برضوانه ، وأنّ من عصاك فقد عصى الله واستحقّ أليم العذاب بنيرانه.
قال : فعجب القوم ، فقال بعضهم لبعض ، ما هذا إلاّ سحر مبين ، فاضطرب البساط وارتفع ، ونكّس مالك بن الصيف وأصحابه عنه حتّى وقفوا على رءوسهم ووجوههم ، ثمّ أنطق الله تعالى البساط ثانيا ، فقال : أنا بساط أنطقني الله وأكرمني بالنطق بتوحيده وبتحميده والشهادة لمحمّد نبيّه ، وأنّه سيّد الأنبياء ، ورسوله إلى خلقه
__________________
(١) الزيادة أثبتناها من « بحار الأنوار ».