أجمعين ، وأشهد أنّ قلوب هؤلاء اليهود كما وصفت أقسى من الحجارة لا يخرج منها خير كما قد يخرج من الحجارة الماء سيلا أو تفجّرا ، وأشهد أنّ هؤلاء كاذبون عليك فيما به يقذفونك من الفرية على ربّ العالمين.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : وأسألك أيّها الجبل أمرك الله بطاعتي فيما ألتمسه منك بجاه محمّد وآله الطيّبين الذين بهم نجّى الله تعالى نوحا من الكرب العظيم ، وبرّد الله النار على إبراهيم وجعلها عليه سلاما ، ومكّنه في جوف النار على سرير وفراش وثير لم ير ذلك الطاغية مثله لأحد من ملوك الأرض أجمعين وأنبتت من حواليه من الأشجار الخضرة النضرة النزهة ، وعمّر ما حوله من أنواع النور بما لا يوجد إلاّ في فصول أربعة؟
قال الجبل : بل أشهد لك يا محمّد ، وأشهد أنّك لو اقترحت على ربّك أن يجعل رجال الدنيا قردة وخنازير لفعل ، أو يجعلهم ملائكة فعل ، وأن يقلب النيران جليدا والجليد نيرانا لفعل ، أو يهبط السماء إلى الأرض ، أو يرفع الأرض إلى السماء ، أو يصيّر أطراف المشارق والمغارب والوهاد كلّها صرّة كصرّة الكيس لفعل ، وأنّه قد جعل الأرض والسماء طوعك ، والجبال والبحار تنصرف بأمرك ، وسائر ما خلق الله من الرياح من الصواعق وجوارح الإنسان وأعضاء الحيوان لك مطيعة وأمرتها به من شيء ائتمرت.
فقالت اليهود : يا محمّد ، أعلينا تشبه وتلتبس قد احتبست مردة من أصحابك خلف صخور هذا الجبل فهم ينطقون بهذا الكلام ونحن لا ندري السمع من الرجال أم من الجبال؟! لا يغترّ بمثل هذا إلاّ ضعفاؤك الذين تبحبح في عقولهم ، فإن كنت صادقا فتنحّ من موضعك هذا إلى ذلك ، القرار وأمر هذا الجبل أن ينقطع من أصله فيسير إليك إلى هناك ، فإذا حضرك ونحن نشاهده فأمره أن ينقطع نصفين من ارتفاع سمكه ، ثمّ ترتفع السفلى من قطعته فوق العليا وتنخفض العليا تحت السفلى ، فإنّ أصل الجبل قلّته وقلّته أصله ؛ لنعلم أنّه من الله لا يتّفق بمواطاة ولا لمعاونة متوهّمين متمرّدين.