القبر ، فلمّا خرج قال : يا رسول الله ، لقد صنعت بها شيئا في تكفينك إيّاها ثيابك ودخولك في قبرها وطول مناجاتك وطول صلاتك وما رأيناك صنعته بأحد قبلها؟
قال : أمّا تكفيني إيّاها فإنّي لمّا قلت لها : يعرض الناس يوم يحشرون من قبورهم ، فصاحت وقالت : وا سوأتاه ، فلبستها ثيابي وسألت الله في صلاتي عليها أن لا يبلي أكفانها حتّى تدخل الجنّة ، فأجابني إلى ذلك.
وأمّا دخولي في قبرها فإنّي قلت لها يوما : إنّ الميّت إذا دخل في قبره وانصرف الناس عنه ، دخل عليه ملكان : منكر ، ونكير فيسألانه ، فقالت : وا غوثاه بالله ، فما زلت أسأل ربّي في قبرها حتّى فتح لها بابا من قبرها إلى الجنّة ، وجعله روضة من رياض الجنّة » (١).
[١١] ومنها : روي عن عليّ بن محمّد عليهماالسلام : « أنّ رجلا من الثقيف ـ كان أطيب الناس ـ يقال له : حارث بن كلدة الثقفي جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا محمّد ، جئت أداويك من جنونك ، فقد داويت مجانين كثيرة فشفوا على يدي ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنت تفعل فعل المجانين وتنسبني إلى الجنون؟
قال الحارث : وما ذا فعلته من أفعال المجانين؟ قال : نسبتك إيّاي إلى الجنون من غير محنة منك ولا تجربة ولا نظر إلى صدقي أو كذبي. فقال الحارث : أو ليس قد عرفت كذبك وجنونك بدعواك النبوّة التي لا تقدر لها؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : وقولك : لا تقدر لها أفعال المجانين ؛ لأنّك لم تقل : لم قلت كذا؟ ولا طالبتني بحجّة فعجزت عنها.
فقال الحارث : صدقت أنا أمتحن أمرك آية أطالبك بها ، إن كنت نبيّا فادع تلك الشجرة ـ يشير بشجرة عظيمة بعد عمقها ـ فإن أتتك علمت أنّك رسول الله وشهدت له بذلك ، وإلاّ فأنت ذلك المجنون الذي قيل لي فرفع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يده إلى تلك الشجرة ، وأشار إليها أن تعالي ، فانقطعت تلك الشجرة بأصولها وعروقها وجعلت
__________________
(١) المصدر السابق ١٨ : ٦ ـ ٧ ، ح ٦.