تخدّ في الأرض أخدودا عظيما كالنهر حتّى دنت من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فوقفت بين يديه ونادت بصوت فصيح : ها أنا ذا يا رسول الله ، ما تأمرني؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : دعوتك لتشهدي لي بالنبوّة بعد شهادتك لله بالتوحيد ، ثمّ تشهدي بعد شهادتك لي لعليّ هذا بالإمامة ، وأنّه سندي وظهري وعضدي وفخري وعزّي ، ولولاه ما خلق الله عزّ وجلّ شيئا ممّا خلق ، فنادت : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّك يا محمّد عبده ورسوله أرسلك بالحقّ بشيرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، وأشهد أنّ عليّا ابن عمّك هو أخوك في دينك ، أوفر خلق الله من الدين حظّا ، وأجزلهم من الإسلام نصيبا ، وأنّه سندك وظهرك ، قامع أعدائك ، وناصر أوليائك ، وباب علومك في أمّتك ، وأشهد أنّ أولياءك الذين يوالونه ويعادون أعداءه حشو الجنّة ، وأنّ أعداءه الدين يوالون أعداءه ويعادون أولياءه حشو النار ، فنظر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الحارث بن كلدة فقال : يا حارث ، أو مجنونا يعدّ من هذه آياته؟ فقال الحارث بن كلدة : لا والله يا رسول الله ، ولكنّي أشهد أنّك رسول ربّ العالمين ، وسيّد الخلق أجمعين. وحسن إسلامه » (١).
[١٢] ومنها : ما روي « أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا ظهر بالمدينة اشتدّ حسد ابن أبيّ له ، فدبّر عليه أن يحفر له حفيرة في مجلس من مجالس داره ، ويبسط فوقها بساطا ، وينصب في أصل الحفيرة أسنّة رماح ، ونصب سكاكين مسمومة ، وشدّ أحد جوانب البساط والفراش إلى الحائط ليدخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخواصّه مع عليّ عليهالسلام ، فإذا وضع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رجله على البساط وقع في الحفيرة ، وكان قد نصب في داره ، وخبّأ رجالا بسيوف مشهورة يخرجون على عليّ عليهالسلام ومن معه عند وقوع محمّد في الحفيرة فيقتلونهم بها ، ودبّر أنّه إن لم ينشط للقعود على ذلك البساط أن يطعموه من طعامهم المسموم ليموت هو وأصحابه جميعا.
__________________
(١) المصدر السابق ١٧ : ٣١٦ ـ ٣١٧ ، ح ١٤.