تعريف المسند مع ضمير الفصل المفيد للحصر ونحوه ـ على عدم خالقيّة غيره تعالى ، مضافا إلى الضرورة القاضية بأنّ السماء والأرض وما بينهما ممّا خلقه الله تعالى بلا واسطة.
وعن بعض الأئمّة عليهمالسلام كالرضا عليهالسلام ما يدلّ على أنّ إسناد الخلق والرزق إلينا شرك ، كما روي عن الشامي ، قال : دخلت على عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام بمرو فقلت له : يا بن رسول الله ، روي لنا عن الصادق جعفر بن محمّد عليهالسلام أنّه قال : « لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين » ما معناه؟.
فقال : « من زعم أنّ الله تعالى يفعل أفعالنا ثمّ يعذّبنا عليها فقد قال بالجبر ، ومن زعم أنّ الله عزّ وجلّ فوّض أمر الخلق والرزق إلى حججه عليهمالسلام فقد قال بالتفويض ، فالقائل بالجبر كافر والقائل بالتفويض مشرك » (١) ، إلى آخر الحديث المذكور في محلّه.
ثانيا : أنّ عدم الدليل على مثل هذا الاعتقاد كاف في الحكم بالعدم ؛ لقوله تعالى : ( آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) (٢) ، وقوله تعالى : ( أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ ) (٣) ، ونحو ذلك.
وما ينسب إلى بعض الأئمّة عليهمالسلام ـ مع عدم صحّة سنده ـ غير علميّ معارض بالأقوى ، ولا يصحّ الاعتقاد بمثله في المسألة العلميّة ، سيّما ما يكون من أصول الدين والمذهب كما لا يخفى.
فإن قلت : إنّ عيسى بن مريم خلق الطير ـ كما هو المستفاد من الكتاب وغيره ـ وعليّ بن أبي طالب عليهالسلام أو غيره من الأئمّة عليهمالسلام ليس أدنى منه بل أعلى ، كما هو مقتضى المذهب وبعض الأخبار ، فلم لا تجوّز الخلق بالنسبة إليه؟
قلت أوّلا : إنّ الكتاب صريح في أنّ عيسى خلق كهيئة الطير كالفخّار لا الطير ، وأمّا
__________________
(١) « الاحتجاج » ٢ : ٣٩٧ ـ ٣٩٨.
(٢) يونس (١٠) : ٥٩.
(٣) البقرة (٢) : ٨٠.