كينونيّة طيرا فهي بإذن الله وأمره وجعله.
وثانيا : إنّه اجتهاد في مقابل النصّ الصريح في أنّ نسبة الخلق إليهم عليهمالسلام شرك.
وثالثا : إنّ المانع هنا موجود ـ كما هو المستفاد ممّا تقدّم ـ بخلاف عيسى عليهالسلام.
ورابعا : إنّ القياس في الأحكام باطل فضلا عن الأحوال الثابتة للأعيان الخارجيّة ، مع أنّ خلق السماوات ونحوها أكبر وإن كان عليّ أعلى ، فالقياس مع الفارق.
وخامسا : إنّه غير صحيح في أصول الدين والمذهب كما لا يخفى. هذا كلّه مضافا إلى أنّ المدّعى لا بدّ له من إقامة البيّنة والبرهان أو أنّه يكفي للمنكر عدم الدليل ، فإنّ عدم الدليل دليل العدم.
وبالجملة ، فمثل هذا الاعتقاد لم يكن في الآباء والأجداد والعلماء الأمجاد ، فنقول لصاحبه : إن كان هذا هو الحقّ كان آباؤك من الكفّار وأمثال الكلاب ؛ إذ ما كان بعد الحقّ إلاّ الضلال. وإن كان باطلا فأنت كافر كالكلب أو ابن الكافر كالكلب ، وما ترضى بشيء من ذلك ، فلا ترض بهذا الاعتقاد ، ولا تكن غاليا كما لست قاليا بل كن واليا ، فإنّه وسط وخير الأمور أوسطها ، وقل في جواب من تمسّك في خالقيّة مولانا عليّ بن أبي طالب عليهالسلام بخالقيّة عيسى عليهالسلام مضافا إلى النقض برفعه الله في السماء عند إرادة قتله بما أشرنا إليه ، مع أنّ عيسى كان فاعلا لهيئة الطير كالفخّار ، وكان كينونتها طيرا بإذن الله ( يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَ ) (١) ، ثمّ قل : ( يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ ) (٢) ، ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ) (٣) ، وكيف كان فنقول :
__________________
(١) النساء (٤) : ١٧١.
(٢) النساء (٤) : ١٧٤.
(٣) الأنفال (٨) : ٤٢.