قاهر عادل عالم معصوم ، فيجب على الله تعالى نصبه ؛ لئلاّ يختلّ نظام المعاش اختلالا موجبا لاختلال نظام المعاد الموجب لعدم حصول الغرض ، الموجب لكون أفعال الله تعالى قبيحة.
فإن قلت : هذا مناف لما هو مذهبكم من جواز غيبة الإمام عليهالسلام وجواز عدم تعرّضه للأحكام عند حضوره مرّ الأيّام ؛ إذ لا لطف مع عدم الظهور ولا مع الظهور بلا تنفيذ الأحكام.
قلت : أوّلا : إنّ المانع ـ وهو الخوف من الأعداء ـ موجود ، ويشترط في كلّ واجب عدم المانع ولو كان منعه بالنظر إلى حال العباد.
وثانيا : إنّ اللطف مع الغيبة موجود أيضا ؛ لأنّه يحفظنا ويردعنا عن الضلالة ، فمثله كمثل الشمس تحت السحاب.
وثالثا : إنّ من اعتقد وجوده وعلم أنّ غيبته بسبب الخوف ، وجوّز ظهوره في كلّ ساعة بسبب زوال المانع ، انزجر عن كثير من المعاصي ، بخلاف ما إذا اعتقد بعدم وجوده أو بعدم وجوب إيجاده ، فوجوده مع الغيبة أيضا لطف وإن كان حضوره لطفا آخر ، وكذا تنفيذ الأحكام ، فحيث حصل من جهة الأنام مانع عن الأخيرين سقطا فبقي الأوّل على حاله.
ورابعا : إنّ من انتظر ظهوره يحصل له فوز عظيم أخرويّ ، وهو أيضا لطف.
وخامسا : إنّ الرياضات الجسمانيّة والروحانيّة ـ المقتضية لحصول الاستعداد لنعيم الآخرة في حال الغيبة ـ أكثر ، ففيها لطف.
وبالجملة ، فالواجب على الله تعالى إيجاد الإمام ، وأمّا تسليطه على التصرّف في الأمور فهو باختيارنا ، لئلاّ يلزم الجبر.
فعمدة أدلّة أهل السنّة ـ على ما حكي عنهم ـ إجماع الصحابة على وجوب تعيين الإمام عليهالسلام بعد فوت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى جعلوا ذلك من أهمّ الواجبات واشتغلوا عن دفن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكذا عقيب موت كلّ إمام من أئمّتهم ، كما روي