من الأمور المتعلّقة بحفظ النظام وحماية بيضة الإسلام ممّا لا يتمّ إلاّ بالإمام ، وما لا يتمّ الواجب المطلق إلاّ به وكان مقدورا فهو واجب على ما مرّ.
الثالثة : أنّ في نصب الإمام استجلاب منافع لا تحصى ، واستدفاع مضارّ لا تخفى ، وكلّ ما هو كذلك فهو واجب.
أمّا الصغرى فتكاد أن تكون من الضروريّات بل المشاهدات ، وتعدّ من العيان الذي لا يحتاج إلى البيان ؛ ولهذا اشتهر أنّ ما يزع السلطان أكثر ممّا شرّع القرآن ، وما يلتئم بالسنان لا ينتظم بالبرهان ؛ وذلك لأنّ الاجتماع المؤدّي إلى صلاح المعاش والمعاد لا يتمّ بدون سلطان قاهر يدرأ المفاسد ، ويحفظ المصالح ، ويمنع ما تتنازع إليه الطباع وتتنازع عليه الأطماع ، وكفاك شاهدا ما يشاهد من استيلاء الفتن والابتلاء بالمحن بمجرّد هلاك من يقوم بحماية الحوزة ، ورعاية البيضة ، وإن لم يكن على ما ينبغي من الصلاح والسداد ، ولم يخل عن شائبة شرّ وفساد ، ولهذا لا ينتظم أمر أدنى اجتماع ـ كرفقة طريق ـ بدون رئيس يصدرون عن رأيه ومقتضى أمره ونهيه ، بل ربّما يجري مثل هذا فيما بين الحيوانات العجم ـ كالنحل ـ لها عظيم يقوم مقام الرئيس ينتظم به أمرها ما دام فيها ، وإذا هلك انتشرت الأفراد انتشار الجراد ، وشاع فيما بينهم الهلاك والفساد.
لا يقال : فغاية الأمر أنّه لا بدّ في كلّ اجتماع من رئيس مطاع منوط به النظام والانتظام ، لكن من أين يلزم عموم رئاسته جميع الناس وشمولها أمر الدين على ما هو المعتبر في الإمام.
لأنّا نقول : انتظام أمر عموم الناس على وجه يؤدّي إلى صلاح الدين والدنيا يفتقر إلى رئاسة عامّة فيهما ؛ إذا لو تعدّد الرؤساء في الأصقاع والبقاع لأدّى إلى مخاصمات ومنازعات موجبة لاختلال أمر النظام ، ولو اقتصرت رئاسته على أمر الدنيا لفات انتظام أمر الدين الذي هو المقصود الأهمّ والعمدة العظمى.
وأمّا الكبرى فبالإجماع ، واحتجّ المصنّف بأنّ الإمام لطف من الله تعالى في حقّ