عباده ؛ لأنّه إذا كان لهم رئيس يمنعهم في المحظورات ، ويحثّهم على الواجبات كانوا معه أقرب إلى الطاعات ، وأبعد عن المعاصي ، وهو لطف ومفقود منهم بدونه ، واللطف واجب عليه تعالى بناء على أصلهم.
واعترض عليه بأنّ نصب الإمام إنّما يكون لطفا إذا خلا عن المفاسد كلّها ، وهو ممنوع ؛ فإنّ أداء الواجب وترك الحرام مع عدم الإمام أكثر ثوابا ؛ لكونهما أقرب إلى الإخلاص ؛ لانتفاع احتمال كونهما من خوف الإمام. (١)
ولو سلّم فإنّما يجب لو لم يقم لطف آخر مقامه كالعصمة مثلا لم لا يجوز أن يكون زمان يكون الناس فيه معصومين مستغنين عن الإمام عليهالسلام؟
وأيضا إنّما يكون لطفا إذا كان الإمام ظاهرا قاهرا زاجرا عن القبائح قادرا على تنفيذ الأحكام وإعلاء لواء الإسلام ، وهذا ليس بلازم عندكم ، فالإمام الذي ادّعيتم وجوبه ليس بلطف ، والذي هو لطف ليس بواجب.
والمصنّف أشار إلى الجواب عن الأوّل بقوله : ( والمفاسد معلومة الانتفاء ). وعن الثاني بقوله : ( وانحصار اللطف فيه معلوم للعقلاء ). والظاهر أنّهما مجرّد دعوى.
وأشار إلى الجواب عن الثالث بقوله : ( ووجوده لطف وتصرّفه لطف آخر وعدمه منّا ). يعني أنّ وجود الإمام لطف سواء تصرّف أو لم يتصرّف على ما نقل عن عليّ عليهالسلام أنّه قال : « لا تخلو الأرض عن قائم لله بحجّة ، إمّا ظاهر مشهور أو خائف مغمور ؛ لئلاّ يبطل حجج الله تعالى وبيّناته » (٢).
وتصرّفه الظاهر لطف آخر ، وإنّما عدم تصرّفه من جهة العباد وسوء اختيارهم ، حيث أخافوه وتركوا نصرته ففوّتوا اللطف على أنفسهم.
وردّ بأنّا لا نسلّم أنّ وجوده بدون التصرّف لطف.
__________________
(١) انظر « شرح المقاصد » ٥ : ٢٣٧ وما بعدها.
(٢) « الإرشاد » ١ : ٢٢٨ ، من كلامه عليهالسلام في مدح العلماء وتصنيف الناس وفضل العلم والحكمة.