[١٥] ومنها : قوله تعالى : ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ ) (١) ( ... يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) (٢) ؛ لدلالته على فضيلته ؛ لما روي عن أكثر (٣) أهل السنّة عن أنس ، عن ابن عبّاس أنّ المراد من البحرين : عليّ وفاطمة ، ومن البرزخ : رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن اللؤلؤ والمرجان : الحسنان ، ولا غرو أن يكونا بحرين لسعة فضلهما وكثرة خيرهما ؛ فإنّ البحر إنّما يسمّى بحرا لسعته ، ولا يبغي أحدهما على صاحبه ؛ لوجود برزخ بينهما ، وهو إطاعة شرع الرسول أو محبّتهما.
[١٦] ومنها : قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٤) ، فإنّه روي عن صحيح مسلم أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل عن كيفيّة الصلاة عليه ، فقال : « قولوا : اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد » (٥). كذا عن صحيح البخاري (٦). ولا شكّ أنّ أمير المؤمنين هو من الآل ، فالأمر بالصلاة عليه يقتضي كمال فضله ، وأصل الحكمة في ذلك الآل بالصلاة في دين نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم الإشارة إلى لزوم أخذ أحكامه من الآل بعده لبقاء دينه بخلاف دين غيره ، ودفع توهّم الأعداء كون نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم أبتر ومنقطع النسل ، وكفانا فخرا وجوب ذكر الآل في الصلاة وبطلانها بدونه كما حكي عن الشافعي أنّه قال في آخر نظم له في مدح آله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
كفا كم من عظيم القدر أنّكم |
|
من لم يصلّ عليكم لا صلاة له (٧) |
فهم أولى بالمتبوعيّة.
__________________
(١) الرحمن (٥٥) ١٩ و ٢٠.
(٢) الرحمن (٥٥) : ٢٢.
(٣) منهم السيوطي في « الدرّ المنثور » ٧ : ٦٩٧.
(٤) الأحزاب (٣٣) : ٥٦.
(٥) « صحيح مسلم » ١ : ٣٠٥ ، ح ٤٠٦ ، باب ١٧ الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٦) « صحيح البخاري » ٣ : ١٢٣٣ ، الباب ١٣ ، ح ٣١٩٠.
(٧) « ديوان الشافعي » : ٧٢.