وأمّا فتح البلاد فلا شكّ أنّه يصدر من الظالمين كثيرا ، كما نشاهد أنّ أظلم السلاطين افتحهم للبلاد ، مع أنّ مولانا كان على مرّ الحقّ وكان الحقّ مرّا صارت إطاعته كبيرة إلاّ على المتّقين الخاشعين.
وأمّا الشيخان فقد خلطا الحقّ مع الباطل فوافقا طباع الناس ، وحيث كان عثمان على الباطل الصرف تنفّر عنه الطباع كما لا يخفى.
وثالثا : أنّ الإمامة تستلزم الرئاسة العامّة ، فلا وجه للاختصاص بالكهول التي لا تشمل شباب أهل الجنّة ، وأنّ أهل الجنّة شباب كلّهم وأنّه لا يدخلها العجز.
ويظهر ممّا ذكرنا الجواب عمّا عدا ما أجبنا عنه مع عدم احتياجنا إلى الجواب عنه ؛ لكونه موضوعا في مقابل العقل والنقل سيّما ما دلّ على كون عليّ بمنزلة نفس النبيّ ونحوه ممّا لا ينكره أحد من المخالف والموافق. ويكفي في ذلك ما حكي عن ابن أبي بكر وابن عمر ومن التجأ إليهما إلى عليّ حين موتهما من عذاب الله. ونعم ما قال الشافعي في مدحه عليهالسلام :
كفى في فضل مولانا عليّ |
|
وقوع الشكّ فيه أنّه الله |
ومات الشافعيّ وليس يدري |
|
عليّ ربّه أم ربّه الله |
أنا عبد لفتى أنزل فيه هل أتى |
|
إلى متى أكتمه أكتمه إلى متى |
قوم أتى في مدحهم هل أتى |
|
ما شكّ في ذلك إلاّ ملحدا (١) |
فلعن الله من خذل عليّا عليهالسلام حتّى قال : « الدهر أنزلني أنزلني أنزلني حتّى قيل : معاوية وعليّ » (٢) ، مع أنّه كان شمس فلك الحقيقة ، وبدر بروج الطريقة ، وقطب سماء المعرفة ، ومركز دائرة الشريعة ، وما حي أهواء الطبيعة ، ومروّج الملّة.
والحاصل أنّ البشر المعصوم المنصوص الأفضل الذي هو الخليفة بلا فصل
__________________
(١) « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد ١٦ : ١١٥ ، أقوال حكيمة في وصف الدنيا.
(٢) « فرحة الغري » : ٧.