أولى بسلطاننا ، ولا يريدون الأولويّة في التدبير والتصرّف ، وحينئذ لا يدلّ الحديث على إمامته.
ولو سلّم معاينة الدلالة على استحقاق الإمامة وثبوتها في المال ، لكن من أين يلزم نفي إمامة الأئمّة الثلاثة قبله؟.
( ولحديث المنزلة المتواتر ) (١)
بيانه : أنّ « المنزلة » اسم جنس أضيف فعمّ ، كما إذا عرّف باللام بدليل صحّة الاستثناء ، وإذا استثنى منها مرتبة النبوّة بقيت عامّة في باقي المنازل التي من جملتها كونها خليفة له ، ومتولّيا في تدبير الأمر ، ومتصرّفا في مصالح العامّة ، ورئيسا مفترض الطاعة لو عاش بعده ؛ إذ لا يليق لمرتبة النبوّة زوال هذه المرتبة الرفيعة الثابتة في حياة موسى عليهالسلام بوفاته ، وإذ قد صرّح بنفي النبوّة لم يكن ذلك إلاّ بطريق الإمامة.
وأجيب بأنّه غير متواتر بل خبر واحد في مقابلة الإجماع ، وبمنع عموم المنازل ، بل غاية الاسم المفرد المضاف إلى العلم الإطلاق ، وربّما يدّعى كونه معهودا معيّنا كغلام زيد. وليس الاستثناء المذكور إخراجا لبعض أفراد المنزلة بمنزلة قولك : إلاّ النبوّة ، بل منقطع بمعنى لكن ، فلا يدلّ على العموم ، كيف ومن منازله الأخوّة ولم يثبت لعليّ ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّها بمنزلة المستثنى لظهور انتفائها.
ولو سلم العموم فليس من منازل هارون الخلافة والتصرّف بطريق النيابة على ما هو مقتضى الإمامة ؛ لأنّه شريك له في النبوّة. قوله : « اخلفني » ليس استخلافا بل مبالغة وتأكيدا في القيام بأمر القوم.
ولو سلّم فلا نسلّم دلالته على بقائها بعد الموت ، وليس بقاؤها بموت المستخلف عزلا ولا نقصا بل ربّما يكون عودا إلى حالة أكمل وهي الاستقلال بالنبوّة والتبليغ
__________________
(١) « الطرائف » ١ : ٥١ ـ ٥٤ ؛ « مناقب آل أبي طالب » ٢ : ٣٣٦ ؛ « المناقب » لابن المغازلي : ٧٩ ، ح ٤٠ ؛ « المناقب » للخوارزمي : ٥٥ ؛ « صحيح البخاري » ٣ : ١٣٥٩ باب ٩ ، الرقم ٣٥٠٣ ؛ « صحيح مسلم » ٤ : ١٨٧٠ ـ ١٨٧١ ، الرقم ٢٤٠٤ باب من فضائل عليّ بن أبي طالب ، ح ٣٠ ـ ٣٢.