عليّ بن أبي طالب عليهالسلام أمير المؤمنين ، وألف دليل على إبطال شبه الطاعنين فينبغي ذكر أدلّة متينة منها لتحصل زيادة اطمئنان وبصيرة فيها فأقول :
[١] من جملة تلك الأدلّة : أنّ الإمامة عندنا من جملة ما هو أعظم أركان الدين ، وأنّ الإيمان لا يثبت بدونها ، وعندهم أنّها ليست من أركان الدين بل من فروع الدين ، لكنّها من المسائل الجليلة والمطالب العظيمة ؛ فكيف يجوز استناد مثل هذا الحكم إلى اختيار المكلّف وإرادته ، ولو جاز ذلك فجاز فيما هو أدون منه من أحكام الفروع.
[٢] ومنها : أنّ الله تعالى في غاية الرحمة والشفقة على الخلق ، فكيف يهمل تعالى أمر نصب الرئيس مع شدّة الحاجة إليه ووقوع النزاع العظيم من تركه أو مع استناده إلى اختيار المكلّفين ، فإنّ كلّ واحد منهم يختار رئيسا ، وذلك فتح باب عظيم للفساد ، ومناف للحكمة الإلهيّة؟! تعالى الله من ذلك.
[٣] ومنها : أنّ الله تعالى قد بيّن جميع الأحكام الشرعيّة أجلّها وأدونها ، حتّى بيّن تعالى كيفيّات الأكل والشرب وأحكام دخول الخلاء والخروج منه والعلامات الجليلة والحقيرة ، فكيف يهمل مثل هذا الأصل العظيم ، ويجعل أمره إلى اختيار المكلّفين مع علمه تعالى بتباين آرائهم وتنافر طباعهم؟!
[٤] ومنها : أنّ القول باستناد الإمامة إلى الاختيار مناقض للغرض ومناف للحكمة ، والقصد من نصب الإمام امتثال الخلق لأوامره ونواهيه والانقياد إلى طاعته وسكون نائرة الفتن وإزالة الهرج والمرج ، وإبطال التغلّب والمقاهرة ، وإنّما يتمّ هذا الغرض ويكمل المقصود لو كان الناصب للإمام غير المكلّفين ؛ لأنّه لو استند إليهم الاختيار لاختار كلّ منهم من يميل طبعه إليه ، وفي ذلك ثوران لفتن عظيمة ووقوع هرج ومرج بين الناس ، فيكون نصب الإمام مناقضا للغرض من نصبه ، وهو باطل.
[٥] ومنها : أنّ وجوب طاعة الإمام حكم عظيم من أحكام الدين ، فلو جاز استناده إلى المكلّفين لجاز استناد جميع الأحكام إليهم ، وذلك يستلزم الاستغناء من