ثمّ قال : افتح ، ففتح عينيه ، ونظر إلى وجه عليّ عليهالسلام وقال : أين الصفار الذي زعمت أنّه بي ، فقال : والله لكأنّك لست من رأيت قبل كنت مصفارا فأنت الآن مورّد.
فقال عليّ عليهالسلام : فزال عنّي الصفار لسمّك الذي تزعم أنّه قاتلي ، وأمّا ساقاي هاتان ـ ومدّ رجليه وكشف عن ساقيه ـ فإنّك إن زعمت أنّي أحتاج إلى أن أرفق بيدي في حمل ما أحمل ما عليه لئلاّ ينقصف الساقان وإنّي أريك أنّ طبّ الله عزّ وجلّ خلاف طبّك ، وضرب بيده إلى أسطوانة خشب عظيمة على رأسها سطح مجلسه الذي هو فيه وفوقه حجرتان إحداهما فوق الأخرى وحرّكها فاحتملها فارتفع السطح والحيطان وفوقهما الغرفتان ، فغشي على اليونانيّ.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام صبّوا عليه. فصبّوا عليه ماء ، فأفاق وهو يقول : والله ما رأيت كاليوم ، فقال له عليّ : هذا قوّة الساقين الدقيقين واحتمالهما أفي طبّك هذا يا يونانيّ؟ فقال اليونانيّ : أمثلك كان محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فقال عليّ عليهالسلام : وهل علمي إلاّ من علمه وعقلي إلاّ من عقله وقوّتي إلاّ من قوّته ، ولقد أتاه ثقفي كان أطبّ العرب فقال : إن كان بك جنون داويتك ، فقال له محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أتحبّ أن أقرئك آية تعلم بها غناي عن طبّك وحاجتك إلى طبّي؟ قال : نعم ، قال : أي آية تريد؟ قال : تدعو ذلك العذق وأشار إلى نخلة سحوق فدعاها فانقلع أصلها من الأرض وهي تخدّ الأرض خدّا حتّى وقفت بين يديه فقال له : أكفاك؟ قال : لا ، قال : فتريد ما ذا؟ قال : تأمرها أن ترجع إلى حيث جاءت منه ، وتستقرّ في مكانها الذي انقلعت منه فأمرها فرجعت واستقرّت في مقرّها.
قال اليونانيّ لأمير المؤمنين عليهالسلام : هذا الذي تذكره لمحمّد غائب عنّي وأنا أقتصر منك على أقلّ من ذلك أنا أتباعد عنك فادعني وأنا أختار الاجابة ، فإن جئت إليك فهي آية.
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : هذا إنّما يكون آية لك وحدك ؛ لأنّك تعلم في نفسك أنّك لم ترده وأنّي أزلت اختيارك من غير أن باشرت منّي شيئا أو ممّن أمرته أن يباشرك أو ممّن