قصد إلى اختيارك وإن لم آمره إلاّ ما يكون من قدرة الله القاهر ، وأنت يا يونانيّ ، يمكنك أن تدّعي ويمكن غيرك أن يقول : إنّي واطأتك على ذلك فاقترح إن كنت مقترحا وهو آية لجميع العالمين ، قال له اليونانيّ : إن جعلت الاقتراح إليّ فأنا أقترح أن تفصل أجزاء تلك النخلة وتفرّقها وتباعد ما بينها ثمّ تجمعها وتعيدها كما كانت.
فقال عليّ عليهالسلام : هذه آية وأنت رسولي إليها ـ يعني إلى النخلة ـ فقل لها : إنّ وصيّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يأمر أجزاءك أن تتفرّق وتتباعد ، فذهب وقال لها ذلك فتفاصلت وتهافتت وتناثرت وتصاغرت أجزاؤها حتّى لم ير لها عين ولا أثر ، حتّى كأن لم تكن هناك نخلة قطّ.
فارتعدت فرائص اليونانيّ وقال : يا وصيّ محمّد ، قد أعطيتني اقتراحي الأوّل فأعطني الآخر. فأمرها أن تجتمع وتعود كما كانت ، فقال عليهالسلام : أنت رسولي إليها فعد فقل لها : يا أجزاء النخلة إنّ وصيّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم يأمرك أن تجتمعي كما كنت وأن تعودي ، فنادى اليونانيّ فقال ذلك ، فارتفعت في الهواء كهيئة الهباء المنثور ، ثمّ جعلت تجتمع جزء جزء منها حتّى تصوّر لها القضبان والأوراق وأصول السعف وشماريخ الأعذاق ، ثمّ تألّفت وتجمّعت واستطالت وعرضت واستقرّ أصلها في مستقرّها وتمكّن عليها ساقها وتركّب على الساق قضبانها وعلى القضبان أوراقها وفي أمكنتها أعذاقها ، وكانت في الابتداء شماريخها متجرّدة لبعدها من أوان الرطب والبسر والخلال ، فقال اليونانيّ : وأخرى أحبّها أن تخرج شماريخها خلالها وتقلبها من خضرة إلى صفرة وحمرة وترطيب وبلوغ إناه لتأكل وتطعمني ومن حضرك منها.
فقال عليّ عليهالسلام : وأنت رسولي إليها بذلك فمرها به ، فقال لها اليونانيّ ما أمره أمير المؤمنين عليهالسلام فأخلت وأبسرت وأبصرت واصفرّت واحمرّت وترطّبت وثقلت أعذاقها برطبها ، فقال اليونانيّ : وأخرى أحبّها تقرب من يدي أعذاقها أو تطول يدي لتنالها وأحبّ شيء إليّ أن تنزل إلي إحداهما وتطول يدي إلى الأخرى التي هي أختها ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : مدّ اليد التي تريد أن تناولها وقل : يا مقرّب البعيد