غضبي » (١). وكان محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم واقعا في انقطاع سيره واتّصاله بذلك الربّ ، فكان بينهما حجاب النفس المطمئنّة حجاب من زبرجد ، وإن أريد بالربّ هذه الكلمة التي انزجر لها العمق الأكبر وهي المشيئة جاز ؛ لأنّ الاسم البديع هو كينونيّة هذه الكلمة وهو الماء الأوّل ، وهذه الكلمة هي السحاب المتراكم الثقال.
وإن أريد به المعبود بالحقّ سبحانه فمعنى « فصلّى » : يفيض الرحمة التي هي صفة الرحمن وهي التي وسعت كلّ شيء ، والتي هي صفة الرحيم وهي الرحمة المكنونة للمؤمنين ؛ ولهذا قال في الحديث ما معناه : « من لأمّتك يا محمّد ، من بعدك؟
قال : الله أعلم. قال ـ : عليّ بن أبي طالب عليهالسلام » (٢) و(٣).
أقول : لا يخفى أنّ مقتضى كلماته السابقة عروج الجوهر النوري المكنون الكامن في هذا الجسم كما هو مذهبه في المعاد كما سيأتي ، ومقتضى كلماته اللاحقة تداخل الأجسام ، الفلكيّة في جسده صلىاللهعليهوآلهوسلم وكونه علّة فاعليّة للأفلاك.
وما أدري أيّ داع دعاه إلى مثل ذلك التأويل في الظواهر والخروج عن الظاهر ، بل عن اعتقاد المسلمين الموجب للخروج عن الدين؟ وما أدري أنّه بأيّ آية ، وبأيّ حديث ، وبأيّ دليل يقول ما يقول؟!! إذ قال الله تعالى : ( آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) (٤) مع أنّ من قال بامتناع الخرق والالتئام قال بامتناع تداخل الأجسام ، مع اعتراف بعضهم باختصاص دليل امتناع الخرق والالتئام ـ لو تمّ ـ بالفلك الأطلس ، فالقول بدخول أجزاء الأفلاك في جسم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من غير تفاوت في حجمه وتداخل ، ممتنع عندهم.
فإن قلت : إنّ ذلك من باب الإعجاز.
__________________
(١) « الكافي » ١ : ٤٤٢ ـ ٤٤٣ ، باب مولد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ووفاته ، ح ١٣.
(٢) المصدر السابق.
(٣) الظاهر أنّ العبارة من ص ٥٣ إلى هذا ـ بطوله ـ للشيخ المعاصر.
(٤) يونس (١٠) : ٥٩.