بكلّ شيء ورأى كلّ شيء ، كلاّ في رتبته ؛ لأنّ من غلب عليه الوهم ـ مثلا ـ رآه في السماء الخامسة ، ومن غلب عليه العلم رآه في السماء السادسة ، ومن غلب عليه العقل رآه في السماء السابعة.
ومعنى صلاته بالملائكة صلاة الظهر ـ وهو إنّما عرج بالليل ـ : لأنّ عروجه على سمت بدء الوجود والشمس قائمة على قمّة الرأس في التاسع عشر من برج الحمل والسرطان طالع الدنيا ، فأوّل ما تحرّك الفلك وجب فرض الظهر وهو أوّل صلاة صلاّها.
فإن قلت : كيف تكون هذه أوّل صلاة صلاّها وهو إنّما عرج إلى السماء بعد النبوّة بسنتين؟
قلت : هذا في الزمان ، والتي صلاّها ليلة المعراج في الدهر ، وذلك قبل خلق الأجسام بألفي عام ، وليلة المعراج عرج صلّى الله عليه
وآله في السماء بجسمه ، وفي السرمد بروحه بعروج واحد ، وصلّى بالملائكة في الدهر وسبغ الوضوء من « صاد » وهو بحر تحت العرش ، وعروجه إنّما كان في الليل بجسده. وأمّا في جسمه الشريف فهو في النهار وقبل الزوال بقليل قدر ألفي عام.
واعلم أنّ هذا الجواب ما يمكن بيانه لكلّ أحد ، ومن يجوز البيان له لا يكفي له ما ذكر ، بل لا بدّ من المشافهة ؛ لأنّ الفرق بين الزمان والدهر ممّا انسدّ بابه عن فحول العلماء وإن عبّروا عنه بعبارة حسنة مأثورة عن الوصيّ ، ولكن أكثرهم لا يعلمون.
ومعنى صلاة الربّ أنّ الاسم « المربّي » له ، الذي هو روح العقل الأوّل وهو اسم « الله » البديع لقيه في أعلى مراتبه ، وهو مقام « أو أدنى » فلك الولاية المطلقة وهو يصلّي لله.
ومعنى آخر : يصل ما أمر الله به أن يوصل ، يصل الولاية بالنبوّة. ومعنى آخر : يصل الولاية بالألوهيّة ، فهو من « الصلة » أو من « الوصل » أو هما معا.
ومعنى صلاته يقول : « سبّوح قدّوس أنا ربّ الملائكة والروح ، سبقت رحمتي