وضع واحد لو اختلّ النظام ، فإذا خرق حصلت حال مروره فرجة بانحباس من الأجزاء المختلفة ، فإذا وقف وقفت أجزاء الفلك ، على أنّه لا فرجة فيه ولا يمكن تخلّل أجزائه ولا تلزمها فأين تذهب أجزاء الفرجة المفروضة؟
ومع هذا كلّه فيلزم فساد النظام ، والالتئام إنّما يكون بانبساط الأجزاء إلى الفرجة ولا يكون ذلك إلاّ مع التخلّل والرفق ولا يمكن فيه ذلك ، وأمثال ذلك. وهذا جار على حسب أفاعيل العباد.
وأمّا الأفاعيل الإلهيّة ـ على تقدير تسليم امتناع الخرق والالتئام ـ فنقول على ظاهر العبارة : إنّ المعراج معجز والمعجز يجري فيه ما لا يجري في العادة وفيما نعرفه ، فيجوز أنّ الأجزاء التي يقدر جسمه الشريف حال عروجه فنيت في بقاء جسمه ـ كما فنيت الحبال والعصا في جسم عصا موسى ـ وكان جسمه الشريف قائما مقامها في إمداد العالم السفلي من أحكام الحياة في سماء الدنيا ، والفكر في الثانية ، والخيال في الثالثة ، والوجود في الرابعة ، والوهم في الخامسة ، والعلم في السادسة ، والعقل في السابعة ، والصور في الثامنة ، والتسخير والتقدير في التاسعة ، بحيث لا تفقد قوّة منها ؛ لأنّ جسده هو علّة هذه الأسباب فهو أقوى منها قطعا ، وكلّما تعدّى شيئا رجع ما فرّ منه بحيث لا يحصل خرق ولا التئام ، ويكون في سيره في ذلك كلّه موازيا للخطوط الخارجة عن مركز العالم إلى المحيط بها في كلّ ذلك ، فيدور معها على التوالي ، ولو قلنا : إنّه يسير على خطّ مستقيم جاز وكان ما اعترضه من الأجزاء ـ التي يكون اصطفافها بالنسبة إلى خطّ سيره المستقيم صوريّا ـ يكون مستهلكا في بقائه ، وعائدا بعد تجاوزه كما مرّ على حدّ واحد.
ولمّا كان جسده الشريف علّة لوجود جميع الأجساد ، وجسمه علّة لجميع الأجسام ، كان محيطا بجميعها فلا يكون منها جزءا إلاّ هو محيط به ، فكان صلىاللهعليهوآله في عروجه محيطا بجميع الأجسام والأرواح والنفوس والعقول ؛ لأنّ عقله علّة العقول ، وروحه علّة الأرواح ، ونفسه علّة النفوس إحاطة المنير بأشعّته ، فمرّ في عروجه