وأمّا من السنّة فأخبار منها : ما ثبت عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه لمّا عرض نفسه على بعض القبائل ، ودعاهم إلى الله والاسلام ، قال له رجل منهم : « أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء » (١).
وأمّا من العقل فوجوه :
منها : الوجوه الدالة على اعتبار العصمة والأفضلية في الامام ، لأن العصمة حالة خفية لا يطّلع عليها إلاّ الله سبحانه ، وكذا الأفضلية ، فيجب أن يكون النصب من قبله.
ومنها : قاعدة اللطف ، ولم يذكر في الكتاب إلاّ هذا الوجه ، وكذلك فعل القاضي العضد في المواقف ... ليوهم أن لا دليل لأصحابنا غيره ... ثم منع ـ تبعاً له ـ وجوب اللطف على الله ... ٢٤١.
أقول : اللطف عندنا : ما يقرّب العبد إلى الطاعة ويبّعده عن المعصية ولا حظّ له في التمكين ولا يبلغ الإلجاء ، لتوقف غرض المكلّف عليه ، وإنّ المريد لفعل من غيره إذا علم أنّه لا يفعله إلاّ بفعل يفعله المريد من غير مشقة لو لم يفعله لكان ناقضاً لغرضه ، وهو قبيح عقلاً (٢).
ولا ريب في أنّ ( الامام ) كذلك ، مثل ( النبي ).
فنصب الامام واجب على الله كبعث النبي ، لتكون ( الله الحجّة البالغة ) (٣) و ( لئلا يكون الناس على الله حجة ) (٤) و ( ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من
__________________
(١) السّيرة النبوية لابن هشام ٢/٦٦ ، السيّرة الحلبية ٢/١٥٤.
(٢) الباب الحادي عشر للعلامة الحلي : ٣٥.
(٣) سورة الأنعام : ١٤٩.
(٤) سورة النساء : ١٦٤.