حي عن بيّنة ) (١).
وحينئذٍ لا يقال بأن لا وجوب على الله ، ولا حكم للعقل في مثل ذلك ، لأنّ معنى هذا الوجوب العقلي درك العقل حسن إرسال الرسول ونصب الإمام ، إذ بذلك يعرف الله ويعبد ، وهذا هو الغرض من الخلقة حيث قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون ) (٢).
فسقط منع وجوب اللّطف ... وتفصيل الكلام في كتب علمائنا الأعلام ، كالذخيرة والشافي وتلخيصه وتجريد الإعتقاد وشرحه وغيره من كتب العلامة الحلي وشروحها وغير ذلك.
ثم إنّ القاضي العضد لم يشكل في الاستدلال بهذا الوجه ـ بعد منع وجوب اللّطف ـ إلاّ بأنّ اللّطف الذي ذكرتموه إنّما يحصل بإمام ظاهر قاهرٍ (٣) وتبعه السّعد فأورده وتكلّم عليه ، وليته اقتدى بشيخه فلم يذكر غيره من الايرادات الباردة السخيفة ، كقوله ٢٤١.
( إنّ أداء الواجب وترك القبيح مع عدم الإمام أكثر ثواباً لكونهما أشق وأقرب إلى الإخلاص ، لاحتمال انتفاء كونهما من خوف الامام. وأيضاً : فإنّما يجب لو لم يقم لطف آخر مقامه كالعصمة مثلاً ، فلم لا يجوز أن يكون زمان يكون الناس فيه معصومين مستغنين عن الامام؟ ... ).
فإنّ الأوّل منهما مستلزم لرفع اليد عن أصل الوجوب ، لكنّ أصحابنا ذكروا في اللّطف أن لا يبلغ حدّ الإلجاء ... والثاني منهما محال ، وعلى فرضه فخروج عن البحث ، لأنّ الكلام في نصب الإمام ليقتدي به الأنام ، وإذا كان جميع الناس معصومين كانوا جميعاً أئمّة فمن المأموم؟
__________________
(١) سورة الأنفال : ٤٢.
(٢) سورة الذاريات : ٥٦.
(٣) المواقف في علم الكلام ٨/٣٤٨.