وسلّم دونهم؟
بل في الصّحابة من هو خير منهم في ما عدا الصفات الثلاثة الأولى ، ولذا وقع الاختلاف بين القوم في اشتراط ما عداها!!
ثم إنّ الواجدين لهذه الصفات كلّها في قرش جمع غفير ... فما الذي ميّز الثلاثة عن غيرهم؟
على أنّ اعتبار القرشيّة ينافي مذهب عمر بن الخطّاب ... فإنّه تمنى حياة بعض الموالي ليجعل فيه الخلافة من بعده! فقد قال : « لو كان سالم حيّاً ما جعلتها شورى ) يعنى : سالم بن معقل مولى أبي حذيفة وكان من أهل فارس من اصطخر ، وقيل : إنّه من عجم الفرس من كرمد ، ذكر ذلك ابن عبدالبرّ ، وقال : كان من فضلاء الموالي ، ثمّ حمل كلام عمر على أنّه كان يصدر فيها عن رأيه (١) ولا يخفى بعده عن الكلام كلّ البعد ، وقد رووا كلامه بلفظ : « لو كان سالم حيّاً ما تخالجني فيه شك » وعنه « لو استخلفت سالماً مولى أبي حذيفة فسألني عنه ربي ما حملك على ذلك لقلت ربي سمعت نبيّك صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول إنّه يجبّ الله تعالى حقاً من قبله » (٢).
بل رووا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما ينافي اعتبار القرشية بصراحة ، فقد أخرج أحمد بسنده عن عائشة قالت : « ما بعث رسول الله زيد بن حارثة في جيش قط إلاّ أمرّه عليهم ولو بقى بعده استخلفه » (٣).
والواقع أنّهم يسعون في تقليل شرائط الإمامة وتهوينها كي يتمكنوا من إثبات إمامة أبي بكر وعمر وعثمان ... وإلاً فقد عرفت أنّ ( الامامة ) إنّما هي ( خلافة عن النبي ) ... فيعتبر في الإمام أن يكون كالنّبي ، أي إنّ الله ما نصب للإمامة أحداً إلاّ كان واجداً لصفات من نصبه نبياً ، بأن كان أفضل الناس
__________________
(١) الاستيعاب ٢/٥٦٧.
(٢) حلية الأولياء ١/١٧٧.
(٣) المسند ٦/٢٢٦.