معرفة أصول الدين عن طريق الاستدلال بالعقل والنقل ، ليكون أبناء الدين على علم بالأسس التي بنيت عليها عقائدهم ، إذ التقليد في الأصول غير جائز عند اكثر العلماء ـ إن لم يكن كلّهم ـ وأنّه لا بد على كلّ مكلّف من النظر فيها.
فهذا هو الهدف الأول من وضع هذا العلم وتدوينه والتأليف فيه ، فهو من العلوم الضرورية للأمة ، لأنه العلم المتكفّل لبيان ما على المكلّفين الالتزام به من الناحية الاعتقادية ، كما أن علم الفقه يتكفّل بيان ما يجوز وما لا يجوز لهم من الناحية العملية مع جواز التقليد فيه.
وكما أن علم الفقه هو السبب في بقاء الشريعة في أحكامها الفرعية ، كذلك علم الكلام في الحفاظ على الأصول الاعتقاديّة.
على أن من الطبيعي أنّه إذا استوعب الإنسان الأدلّة والبراهين ، تمكّن من الدّفاع عن معتقداته ، والاجابة عن الشبهات المتوجهة اليه ، بل ودعوة الآخرين إليها بقلمه ولسانه.
ومن هنا كثر اهتمام العلماء بهذا العلم ، وكثرت الكتب المؤلّفة فيه من مختلف المذاهب الاسلاميّة.
تبيّن أن موضوع علم الكلام هو أصول الدين ، من التوحيد وصفات الباري ، والنبوة وشئونها والنّبي وصفاته ، والمعاد ... وغير ذلك ... وأن الغرض منه معرفة هذه الأصول ودعوة الآخرين إليها بالحكمة والموعظة الحسنة ... فكيف يكون من أسباب هزائم المسلمين أمام أعداء الاسلام؟
إنّه طالما بنيت الأصول الإعتقادية على الحق ، وقصد بالبحث عنها الوصول الى الحقيقة والواقع ، والتزم الباحث ـ لا سيّما في مرحلة إقامة الحجة على الغير ـ بالعدل والانصاف ، والاخلاق الكريمة ، والقواعد المقرّرة للمناقشة والمناظرة ... كان علم الكلام من خير أسباب صمودنا أمام الأعداء. ووحدتنا فيما بيننا ...