ومنها : شهادة صحابة مشهورين بولاية أمير المؤمنين عليهاالسلام وإمامته إستناداً إلى حديث الغدير ... فإنّهم دخلوا عليه فقالوا : « السلام عليك يا مولانا. قال : وكيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟ قالوا : سمعنا رسول الله يقول : من كنت مولاه فهذا مولاه » (١).
ومنها : تهنئة الشيخين وسائر الصحابة أمير المؤمنين عليهالسلام قائلين « أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة » (٢).
ومنها : إستنكار بعض الصحابة هذا الكلام (٣) فلو كان بمعنى « الناصر والمحب » لما استنكر.
ومنها : تمنّي بعض الصحابة ورود هذا الكلام في حقّه (٤).
إلى غير ذلك من الوجوه ...
فهل يبقى مجال بالنظر إلى كل ذلك لاحتمال ـ أو دعوى ـ إشعار مؤخر الحديث بأنّ المراد بالمولى هو الناصر والمحب؟ وهل يعقل أن يكون ذلك الاهتمام الذي كان من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لمجرّد بيان كون علي عليهالسلام محبّاً وناصراً لمن كان النّبي محبّاً وناصراً له؟
ثم أي منافاة بين هذه الجملة وجملة « من كنت مولاه » لتكون مشعرة بما يدعيه السّعد؟ بل إنها أيضاً من مؤكّدات الدلالة على الأولوية ، لأنّه لو كان صلىاللهعليهوآلهوسلم قد قال : « من كانت طاعتي مفترضة عليه فطاعة علي عليه مفترضة ، أللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه » لكان كلاماً صحيحاً لا تهافت فيه.
ومن هنا ترى أن بعض حفّاظهم المحققين ـ كمحب الدين الطبري المتوفى
__________________
(١) مسند أحمد ٥/٤١٩ ، الرياض النضرة ٢/٢٢٢ ، تاريخ ابن كثير ٧/٣٤٧ ، المرقاة في شرح المشكاة ٥/٥٧٤.
(٢) رواه جماعة من كبار المحدثين ، منهم أبوبكر ابن أبي شيبة ، كنز العمال ١٣/١٣٤.
(٣) مسند أحمد ٤/٣٧٠ ، الخصائص ١٠٠ ، ابن كثير ٧/٣٤٦.
(٤) رواه ابن ماجة ١/٤٥ عن سعد بن أبي وقاص.