عجباً للسّعد كيف يرتضي هذا الحديث ويستدلّ به وهو يرى أفضلية أبي بكر من عمر؟ إنّ هذا الحديث معناه أن عمر صالح لنيل النبوة على تقدير عدم ختمها ، ولازمه أن يكون أفضل من أبي بكر ، كما هو واضح.
ثم كيف يصلح للنّبوة من قضى شطراً من عمره في الكفر.
ولننظر في سنده :
إنّ هذا الحديث لا يعرف إلاّ من حديث مشرح بن هاعان كما نصّ عليه الترمذي بعد أن أخرجه وهذه عبارته كاملة :
« حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا المقرئ عن حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو عن شرح بن هاعان عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطّاب. هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلاّ من حديث مشرح بن هاعان » (١).
وهذه طائفة من كلمات أئمّة القوم لتعرف مشرح بن هاعان :
قال ابن الجوزي : « قال ابن حبان : انقلبت على مشرح صحائفه فبطل الاحتجاج به » (٢).
وقال الذهبي : « قال ابن حبان : يكنى أبا مصعب ، يروي عن عقبة مناكير لا يتابع عليها ... فالصواب ترك ما انفرد به. وذكره العقيلي فما زاد في ترجمته من أنْ قيل أنه جاء مع الحجّاج إلى مكة ونصب المنجنيق على الكعبة » (٣).
فتلخص :
١ ـ قدح جماعة من الأئمّة فيه :
٢ ـ إنه جاء مع الحجاج إلى مكة ونصب المنجنيق على الكعبة.
٣ ـ إنّه روى عن عقبة أحاديث لا يتابع عليها. ولا ريب أن هذا الحديث
__________________
(١) صحيح الترمذي ٥/٥٧٨ باب مناقب عمر.
(٢) الموضوعات. باب مناقب عمر ١/٣٢٠.
(٣) ميزان الاعتدال ـ ترجمة مشرح بن هاعان ٤/١١٧.