فالمختار عند الماتن والشارح هو القول الأول.
ووافقهما السّعد في الحاشية وهذه عبارته :
« قوله : الصحابي من رآه ، أي مسلم رأى النبي ، يعني صحبه ولو أعمى ، وفي بعض الشروح ، أي راه النبي عليه الصلاة والسلام » (١).
فالصحابي : من رأى النبي مسلماً أو رآه النبي.
هذا هو الموضوع. والحكم : وجوب تعظيم الصّحابة كلهم والكفّ عن مطاعنهم وحمل ما يوجب ...
فالحاصل : وجوب تعظيم كلّ مسلم رأى النبيّ أو رآه النبي ، والكف عن مطاعنه ...
فهل يرتضي هذا أحد؟ وما الدليل عليه؟
وكيف يقول السّعد هذا؟ وسيصرّح في ٣١٠ بالعبارة التالية :
( إنّ ما وقع بين الصّحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ ، والمذكور على ألسنة الثقات ، يدل بظاهره على أن بعضهم قد حاد عن الطريق الحق ، وبلغ حدّ الظلم والفسق ، وكان الباعث له الحقد والعناد والحسد واللداد ، وطلب الملك والرياسة ، والميل إلى اللذات والشهودات ، إذ ليس كلّ صحابي معصوماً ولا كلّ من لقي النّبي بالخير موسوماً ... ).
كيف يقول هنا : يجب تعظيم الصحابي ـ أي كلّ من لقي النبي ـ ... ويقول هناك : « ليس كل صحابي معصوماً ولا كل من لقي النبي بالخير موسوماً »؟
أللهمَّ إلاّ أن يقال : كلامه هنا عام وقد خصّصه كلامه ذاك ، فيكون حكم ما ذكره هنا حكم ما ورد كتاباً وسنةً في مدح الأصحاب عموماً ، فإنّ الله تعالى والنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يأمران بحبّ من حاد عن الطريق الحق وبلغ حدّ الظلم والفسق ... بل الحكم الشرعي هو الاجتناب والتبرّي عن هكذا
__________________
(١) شرح المختصر ٢/٦٧.