لم أبغ من وراءه ، وكان أبوبكر غائباً ، فقلت له : صلِّ بالناس يا عمر. فقام عمر في المقام ... فقال عمر : ما كنت أظنّ حين أمرتني إلاّ أنّ رسول الله أمرك بذلك ، ولولا ذلك ما صلّيت بالناس.
فقال عبدالله : لمّا لم أر أبابكر رأيتك أحقّ من غيره بالصلاة » (١).
وفي خبر عن سالم بن عبيد الأشجعي قال : « إنّ النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لمّا اشتدّ مرضه أُغمي عليه ، فكان كلّما أفاق قال : مروا بلالاً فليؤذّن ، ومروا بلالاً فليصلّ بالناس » (٢).
وقد كان من قبل قد استخلف ابن أُمّ مكتوم ـ وهو مؤذّنه ـ في الصلاة بالناس كما عرفت.
وجاء في الأحاديث أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعائشة وحفصة : « إنّكنّ لصويحبات يوسف! » وهو يدلّ على أنّه قد وقع من المرأتين ـ مع الإلحال الشديد والحرص الأكيد ـ ما لا يرضاه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ... فما كان ذلك؟ ومتى كان؟
إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا عجز عن الحضور للصلاة بنفسه ، وطلب عليّاً فلم يُدْع له ـ بل وجد الإلحال والإصرار من المرأتين على استدعاء أبي بكر وعمر ـ ثمّ أمر من يصلّي بالناس ـ والمفروض كون المشايخ في جيش أُسامة ـ أُغمي عليه ـ كما في الحديث ـ وما أفاق إلاّ والناس في المسجد وأبوبكر يصلّي بهم
__________________
(١) الطبقات الكبرى ٢/٢٢٠.
(٢) بغية الطلب في تاريخ حلب ، مخطوط. الورقة ١٩٤ ، لكمال الدين ابن العديم الحنفي ، المتوفّى سنة ٦٦٠ هـ.
ترجم له الذهبي واليافعي وابن العماد في تواريخهم وأثنوا عليه. وقال ابن شاكر الكتبي : « كان محدّثاً فاضلاً حافظاً مؤرّخاً صادقاً فقيهاً مفتياً منشئاً بليغاً كتاباً محموداً » فوات الوفيات ٢/٢٢٠.