« أي يتعرّفون به ما كان النبيّ يفعله لضعف صوته عن أن يسمع الناس تكبير الانتقال ، فكان أبوبكر يسمعهم ذلك » (١).
ويشهد بذلك الحديث المتقدّم عن جابر : « اشتكى رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم فصلّينا وراءه وهو قاعد ، وأبوبكر يُسْمع الناس تكبيره ».
بل لقد عقد البخاري نفسه : « باب من أسمع الناس تكبير الإمام » أخرج الحديث تحته (٢)!!
هذا كلّه بغضّ النظر عن أنّه لا يجوز لأحد أن يتقدّم على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمّا بالنظر إلى هذه القاعدة المسلّمة كتاباً وسنّةً فجميع أحاديث المسألة باطلة ، ولقد نصّ على تلك القاعدة كبار الفقهاء ، منهم : إمام المالكية وأتباعه ، وعن القاضي عياض إنّه مشهور عن مالك وجماعة أصحابه ، قال : وهو أوْلى الأقاويل (٣) وقال الحلبي بعد حديث تراجع أبي بكر عن مقامه : « وهذا استدلّ به القاضي عياض على أنّه لا يجوز لأحدٍ أن يؤمّه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، لأنّه لا يصحّ التقدّم بين يديه ، في الصلاة ولا في غيرها ، لا لعذرٍ ولا لغيره ، ولقد نهى الله المؤمنين عن ذلك ، ولا يكون أحد شافعاً له ، وقد قال : أئمّتكم شفعاؤكم. وحينئذٍ يحتاج للجواب عن صلاته خلف عبدالرحمن بن عوف ركعةً ، وسيأتي الجواب عن ذلك » (٤).
قلت : يشير بقوله : « وقد نهى الله المؤمنين عن ذلك » إلى قوله عزّ وجلّ :
__________________
(١) تنوير الحوالك ـ شرح موطأ مالك ١/١٥٦.
(٢) فتح الباري ٢/١٦٢.
(٣) نيل الأوطار ٣/١٩٥.
(٤) السيرة الحلبية ٣/٣٦٥.