فبويع على هذه النكتة التي اتّهمها عليّ عليهالسلام على إنّها ابتدأت منها.
وكان عليّ يذكر هذا لأصحابه في خلواته ويقول : إنّه لم يقل صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّكنّ لصويحبات يوسف إلاّ إنكاراً لهذه الحلال وغضباً منها ، لأنّها وحفصة تبادرتا إلى تعيين أبويهما ، وإنّه استدركها بخروجه وصرفه عن المحراب ، فلم يجد ذلك ولا أثّر ، مع قوّة الداعي الذي كان يدعو إلى أبي بكر ويمهّد له قاعدة الأمر تقرّر حاله في نفوس الناس ومن اتّبعه على ذلك من أعيان المهاجرين والأنصار ...
فقلت له رحمهالله : أفتقول أنت : إنّ عائشة عيّنت أباها للصلاة ورسول الله لم يعيّنه؟!
فقال : أمّا أنا فلا أقول ذلك ، ولكنّ عليّاً كان يقوله ، وتكليفي غير تكليفه ، كان حاضراً ولم أكن حاضراً ... » (١).
لقد استعرضنا أهمّ أحاديث القضيّة ، وأصحهّا ، ونظرنا أوّلاً في أسانيدها ، فلم نجد حديثاً منها يمكن قبوله والركون إليه في مثل هذه القضية ، فرواة الأحاديث بين « ضعيف » و« مدلّس » و« عثماني » و« خارجيّ » ... وكونها في الصحاح لا يجدي ، وتلقّي الكلّ إياها بالقبول لا ينفع ...
ثمّ نظرنا في متونها ومداليلها بغضّ النظر عن أسانيدها ، فوجدناها متناقضة متضاربةً يكذّب بعضها بعضاً ... بحيث لا يمكن الجمع بينها بوجه ... بعد أنْ كانت القضيّة واحدة ، كما نصّ عليه الشافعي ومن قال بقوله من أعلام الفقه والحديث ...
ثمّ رأينا أنّ الأدلّة والشواهد الخارجيّة القويمة تؤكّد على استحالة أنْ يكون
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٩/١٩٦ ـ ١٩٨.