فهذه هي الأقوال التي يستخلصها المتتبّع المنقّب من خلال كلماتهم المضطربة وأقوالهم المتعارضة ...
أمّا القول الثالث ـ وهو أنّ النسخ كان من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نفسه ، ولكن لم يعلم به غير عمر ـ فقد كان الأولى بإمامهم!! الفخر الرازي أن لا يتفوّه به! إذ كيف يثبت النسخ عند عمر فقط ولا يثبت عند علي عليهالسلام وجمهور الصحابة؟! ولماذا خصّة النبّي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعلم به دونهم؟! وهلاّ أخبر هو عن هذا النسخ ـ الثابت عنده! ـ حين قال له ناصحه ، وهو عمران ابن سوادة : « عابت أُمّتك منك أربعاً ... قال : وذكروا أنّك حرّمت متعة النساء وقد كانت رخصةً من الله ، نستمتع بقبضةٍ ونفارق عن ثلاث. قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أحلّها في زمان ضرورة ، ثم رجع الناس إلى سعة ... » (١).
ولماذا لم تقبل الأُمّة منه ذلك وبقي الخلاف حتى اليوم؟!
قال ابن القيّم : « فإن قيل : فما تصنعون بما رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله قال : كنّا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيّام على عهد رسول الله وأبي بكر ، حتى نهى عنها عمر في شأن عمرو بن حريث. وفيما ثبت عن عمر أنّه قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا أنهى عنهما : متعة النساء ومتعة الحجّ؟
قيل : الناس في هذا طائفتان :
__________________
(١) تاريخ الطبري ـ حوادث سنة ٢٣هـ.