وأمّا قضية الصّلاة بالناس وأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم « أمره بالصلاة بالناس في مرضه الذي توفي فيه » وأنّ « قولهم عزله عن الصلاة كذب وما نقلوه فيه مختلق ... » فكأنها أقوى أدلة الكتاب على المدعى ، ولذا أطنب الشارح في هذا المقام ...
لكنّ الحق الواقع الذي يتوصل إليه المحقّق المنقّلب :
أولاً : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يأمره بالصلاة.
وثانياً : إنّه لمّا علم بخروجه إلى الصلاة في موضعه خرج معتمداً على أمير المؤمنين ورجل آخر ، وصلّى تلك الصلاة بنفسه.
وثالثاً : إنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقتد بأحدٍ أبداً.
ورابعاً : إنه على فرض كلّ ذلك فقد أمر صلىاللهعليهوآلهوسلم غير أبي بكر بالصّلاة بالناس في مواضع عديدة ، ولم يكن ذلك دليلاً على شيء.
وبيان ذلك بإيجاز هو : إنهم وإن رووا عن عائشة وعدّة من الصحابة أن رسول الله عليه وآله وسلّم أم بأن يصلي أبوبكر بالنّاس في مرضه. لكن أسانيد تلك الأخبار كلّها ساقطة بضعف رجالها ، على أنها جميعاً تنتهي إلى عائشة ، وهي في مثل هذا الأمر ـ لكونها بنت أبي بكر ومناوئةً لعلي عليهالسلام ـ متهمة ، فلا يعتمد على خبرها هذا.
هذا من حيث السند.
وأمّا من حيث الدلالة فإنها وإن اشتملت على أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم أبابكر بالصلاة في موضعه لكنها جميعاً مشتملة على خروجه إلى المحراب وصلاته بالناس بنفسه الشريفة (١).
__________________
(١) لاحظ البخاري بشرح ابن حجر ٢/١٣٢ ، ١٣٧ ، ١٦٢ ، مسلم بشرح النووي ـ هامش إرشاد الساري ٣/٥٤ ، ٦١.